حسنا وكان الحجاج يغيظه ذلك فقيل له إنه رمى بنشابة فثبت نصلها في ساقه فهو لا يمسها شئ إلا صاح فان حركت أدنى شئ سمعت صوته فأمر أن يعذب ويدهق ساقه فلما فعل ذلك به صاح وأخته هند بنت المهلب عند الحجاج فلما سمعت صباح يزيد صاحت وناحت فطلقها ثم إنه كف عنهم وأقبل يستأديهم فأخذوا يؤدون وهم يعملون في التخلص من مكانهم فبعثوا إلى مروان بن المهلب وهو بالبصرة يأمرونه أن يضمر لهم الخيل ويرى الناس أنه إنما يريد بيعها ويعرضها على البيع ويغلى بها لئلا تشترى فتكون لنا عدة إن نحن قدرنا على أن ننجو مما ههنا ففعل ذلك مروان وحبيب بالبصرة يعذب أيضا وأمر يزيد بالحرس فصنع لهم طعام كثير فأكلوا وأمر بشراب فسقوا فكانوا متشاغلين به ولبس يزيد ثياب طباخه ووضع على لحيته لحية بيضاء وخرج فرآه بعض الحرس فقال كأن هذه مشية يزيد فجاء حتى استعرض وجهه ليلا فرأى بياض اللحية فانصرف عنه فقال هذا شيخ وخرج المفضل على أثره ولم يفطن له فجاؤوا إلى سفنهم وقد هيأوها في البطائح وبينهم وبين البصرة ثمانية عشر فرسخا فلما انتهوا إلى السفن أبطأ عليهم عبد الملك وشغل عنهم فقال يزيد للمفضل اركب بنا فإنه لاحق فقال المفضل وعبد الملك أخوه لامه وهى بهلة هندية لا والله لا أبرح حتى يجئ ولو رجعت إلى السجن فأقام يزيد حتى جاءهم عبد الملك وركبوا عند ذلك السفن فساروا ليلتهم حتى أصبحوا ولما أصبح الحرس علموا بذهابهم فرفع ذلك إلى الحجاج وقال الفرزدق في خروجهم لم أر كالرهط الذين تتابعوا * على الجذع والحراس غير نيام مضوا وهم مستيقنون بأنهم * إلى قدر آجالهم وحمام وإن منهم إلا يسكن جأشه * بعضب صقيل صارم وحسام فلما التقوا لم يلتقوا بمنقه * كبير ولا رخص العظام غلام بمثل أبيهم حين تمت لداتهم * بخمسين تترى جرأة وتمام ففزع له الحجاج وذهب وهمه أنهم ذهبوا قبل خراسان وبعث البريد إلى قتيبة
(٢٣١)