(ذكر هشام) عن أبي مخنف قال قال أبو المخارق الراسبي كتب الحجاج إلى عبد الرحمن ابن محمد جواب كتابه أما بعد فإن كتابك أتاني وفهمت ما ذكرت فيه وكتابك كتاب امرئ يحب الهدنة ويستريح إلى الموادعة قد صانع عدوا قليلا ذليلا قد أصابوا من المسلمين جندا كان بلاؤهم حسنا وغناؤهم في الاسلام عظيما لعمرك يا ابن أم عبد الرحمن إنك حيث تكف عن ذلك العدو بجندي وحدي لسخي النفس عمن أصيب من المسلمين إني لم أعدد رأيك الذي زعمت أنك رأيته رأى مكيدة ولكني رأيت أنه لم يحملك عليه إلا ضعفك والتياث رأيك فامض لما أمرتك به من الوغول في أرضهم والهدم لحصونهم وقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم ثم أردفه كتابا فيه أما بعد فمر من قبلك من المسلمين فليحرثوا وليقيموا فإنها دارهم حتى يفتحها الله عليهم ثم أردفه كتابا آخر فيه أما بعد فامض لما أمرتك به من الوغول في أرضهم وإلا فان إسحاق بن محمد أخاك أمير الناس فخله وما وليته فقال حين قرأ كتابه أنا أحمل ثقل إسحاق فعرض له فقال لا تفعل فقال ورب هذا يعنى المصحف لئن ذكرته لاحد لأقتلنك فظن أنه يريد السيف فوضع يده على قائم السيف ثم دعا الناس إليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إني لكم ناصح ولصلاحكم محب ولكم في كل ما يحيط بكم نفعه ناظر وقد كان من رأيي فيما بينكم وبين عدوكم رأى استشرت فيه ذوي أحلامكم وأولى التجربة للحرب منكم فرضوه لكم رأيا ورأوه لكم في العاجل والآجل صالحا وقد كتبت إلى أميركم الحجاج فجاءني منه كتاب يعجزني ويضعفني ويأمرني بتعجيل الوغول بكم في أرض العدو وهى البلاد التي هلك إخوانكم فيها بالأمس وإنما أنا رجل منكم أمضى إذا مضيتم وآبي إذا أبيتم فثار إليه الناس فقالوا لا بل نأبى على عدو الله ولا نسمع له ولا نطيع (قال أبو مخنف) فحدثني مطرف بن عامر بن واثلة الكناني أن أباه كان أول متكلم يومئذ وكان شاعرا خطيبا فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه أما بعد فان الحجاج والله ما يرى بكم إلا ما رأى القائل الأول إذ قال لأخيه احمل عبدك على الفرس فإن هلك هلك وإن نجا فلك إن الحجاج والله ما يبالي أن يخاطر بكم فيقحمكم
(١٤٦)