قاربها مما يتعارف النقل منها لا مثل ذلك، ولذا لا يكلف النقل من أمثال ذلك في الآفة مع المشقة والبعد المفرط، ومن ذلك كله يظهر لك ما تسمعه من الروضة، بل كان شبه التدافع بين أول كلامه وذيله، إلا أن يريد بالبلد التي اشترط التسليم فيها ما كانت من بلاد المسلم فيه، فيتفق حينئذ كلاما، بل لعله بذلك يرجع إلى ما ذكرناه كغيره من كلام الأصحاب، وستسمع عبارة التذكرة وغيرها في آخر البحث فتأمل جيدا.
ومن ذلك كله يظهر لك أن ما ذكروه سابقا من أنه لا يجوز الاستقصاء في الوصف المؤدي إلى عزة الوجود مرجعه إلى ذلك عند التأمل، وإن عللوه بأن عقد السلف مبني على الغرر، لأنه بيع ما ليس بمرئى، فإن كان عزيز الوجود كان مع الغرر مؤديا إلى التنازع والفسخ، فكان منافيا للمطلوب من السلف مع أنه يمكن ارجاعه إلى ما قلناه.
وفي المحكي عن الإيضاح تعليله بأنه لما جل جناب الحق جل شأنه عن التكليف بما لا يطاق، واقتضت حكمته البالغة عدم خرق العادات غالبا بمجرد ما يرد على العبد من تناقض الإرادات، أبطل السلم فيما يؤدي إلى أحدهما قطعا، وما تجدد أدائه تجدد بطلانه، قال: فظهر من ذلك أن ما يعز وجوده لا يصح السلم فيه، وبقي ما لا يعز، لكن وجوده أقل في الأغلب لاستقصاء الصفات والأقرب فيه الصحة لعدم استلزامه المحال مع امكانه في نفسه، وجواز ثبوته في الذمة، لوجود المقتضى وهو عقد البيع، وانتفاء المانع وهو عزة الوجود، ثم احتمل بطلانه.
قلت: لا ريب في ضعف الاحتمال إذا كانت القلة بحيث لا تعد المعاملة معها سفها، ومنه يعلم ما في القواعد من أن الأقرب جواز اشتراط ما لا يعز وجوده، وإن كان استقصاء كالسمن والجودة، إن كان مراده البطلان بغير الأقرب. ومن هنا قيل أن غير الأقرب الوجوب. وإن كان فيه أنه مساو للأول في الضعف، أو أضعف إذا فرض