حينئذ استيفاء لا ثمن سلم، بل في الدروس والمسالك وغيرهما أنه يحتاج إلى المحاسبة إذا اختلفا في الجنس أو الوصف، وإلا وقع التقاص قهرا، وإن كان قد يشكل بأنه يلزم منه كون مورد العقد دينا بدين، وبأنه معاوضة على ثمن السلم قبل قبضه، فتكون فاسدة، ويدفع بأن الثمن أمر كلي، وتعينه في شخصي لا يقتضي كونه الثمن الذي جرى عليه العقد، ومثل هذا التقاص والتحاسب استيفاء لا معاوضة.
نعم يشكل أصل اشتغال الذمة بالكلي بمجرد عقد السلم الذي قد عرفت كون القبض شرطا في صحته، وقد تقدم البحث فيه سابقا، فتأمل جيدا، فإن ذلك كله محل للنظر، لاحتمال اعتبار سبق الدينية في صدق بيع الدين بالدين، وصدقه على السلم إنما هو بعد تمامه لا قبله، والمنع من بيع الكالي بالكالي وإن لم يكن موجودا في طرقنا، وإنما هو من طرق العامة (2) - ولكن قد عمل به الأصحاب، وقد ذكروا في تفسيره ما يشمل ما كان منه بالعقد فيختص به حينئذ، أما غيره مما لم يكن سابق الدينية ولا هو من بيع الكالي بالكالي فباق على مقتضى العمومات، ومنه المسألة وعكسها، ولكن الانصاف عدم خلو المسألة عن البحث، ولعلك تسمع فيما يأتي في مسألة بيع الدين التحقيق انشاء الله تعالى، والله أعلم.
ولو شرط تأجيل الثمن بطل، بلا خلاف أجده لا لأن التقابض شرط، إذ يمكن فرضه فيما لا ينافيه لقصر الأجل ونحوه، بل لأنه من بيع الدين بالدين كما ستعرف تحقيقه في محله، بل والكالي بالكالي، وهو مؤيد لما قلناه سابقا من صدقه على ذلك وإن كان دينا في العقد، والحاصل أن الحالين أو أحدهما بالعقد لا سابقا لا يصدق عليه بيع الدين بالدين، بخلاف المؤجلين، فإنه يصدق عليه ولو بالعقد كالحالين قبل العقد أو أحدهما حال قبله، والآخر مؤجل كذلك، فتأمل جيدا.