إلينا من نصوص المسألة إشارة إلى الفرق بين الزنا وغيره، فضلا عن المجهول، بل ربما كان ظاهرها خلافه، خصوصا ترك الاستفصال مع انصراف الحمل إلى النكاح الصحيح كما في ساير أفعال المسلمين، وعدم الحرمة لمائه إنما هو بالنسبة إلى إلحاق الولد وعدمه، لا بالنسبة إلى وطئ من علم حملها منه، المعلل بتغذية الولد ونحوه، ودعوى أن المعهود من الشرع الغاء اعتبار الزنا في العدة والاستبراء، يمكن تسليمها في غير المقام الذي يمكن أن يكون عدم الوطئ فيه تعبديا وليس لعدة ولا استبراء، بل هو ظاهر المصنف وغيره ممن نفى الاستبراء عن الحامل بل منع في الحدائق عدم العدة والاستبراء للزنا محتجا بخبر حريز (1) قال لأبي عبد الله عليه السلام: (الرجل يفجر بالامرأة ثم يبدو له في تزويجها هل يحل له ذلك؟ قال: نعم إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور، فله أن يتزوجها وإنما يجوز له تزويجها بعد الوقوف على توبتها) وما رواه الحسن بن علي بن شعبة في كتاب تحف العقول (2) عن أبي جعفر الجواد عليه السلام (أنه سئل عن رجل نكح امرأة على زنا أيحل له أن يتزوجها؟ فقال: يدعها حتى يستبرئها من نطفته ونطفة غيره إن لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت معه، ثم يتزوج بها إذا أراد، فإن مثلها مثل نخلة أكل رجل منها حراما ثم اشتراها فأكل منها حلالا) وإطلاق ما دل على وجوب العدة والغسل والمهر والرجم بالدخول، وأن العدة من الماء وإن كان هو كما ترى، بل ينبغي الجزم بإرادة الندب من الخبر الأول، إذ لا استبراء عليه من مائه بل والخبر الثاني خصوصا بعد استفاضة النصوص وباطلاق جواز تزويج الزانية.
نعم قد يقال في خصوص المقام بحرمة الوطئ وإن كان الحمل من زنا، لا للعدة والاستبراء، بل لاطلاق النصوص، وعدم إشعار شئ منها به، كما أنه قد يقال إن ظاهرها مجهولة حال الحمل على وجه لم يعلم كونها من ذات العدة بالوضع، كالمطلقة ونحوها،