من إطلاق الوثاقة دخول العدالة فيها أقرب، وأما الاكتفاء بمجرد العدالة كما يظهر من إطلاق آخرين فبعيد، ويمكن إرادة الوثاقة منها والاجتزاء بذكرها عنها) وفيه ما قد عرفت من أن ظاهر الفتاوى اتحاد المراد منهما، وأما النصوص فتحتمل ذلك، وتحتمل إرادة من تسكن إليه النفس، والأول أولى فاحتمال إرادة أمر زائد على العدالة بعيد عن النص والفتوى.
وعلى كل حال ففيه أيضا أنه لو أخبر عدل وفسق قبل الوطئ عول عليه، بخلاف العكس، إلا أن يعيد الخبر، ولو وطئ اعتمادا على الخبر فعدل أو خرج عن العدالة فلا استبراء، ولو كذب في دعوى الاستبراء ثم ظهر الحمل منه ردت إليه ورجع المشتري بالثمن وكل غرامة غرمها، أما لو علم بكذبه فأقدم رجع بالثمن مع بقائه، وفي الرجوع به مع التلف وبالغرامة وجهان، ومع العلم بفسقه وعدم المعذورية شرعا يضعف احتمال عدم الرجوع وإن عصى في وطئه، وفي اعتبار خبر الأمة مع الوثاقة وجهان، أقواهما القبول، وهو جيد في البعض، لا يخلو من نظر في الآخر.
وكيف كان فقد ظهر لك من ذلك ضعف ما عن ابن إدريس وفخر الدين من وجوب الاستبراء وإن أخبر الثقة، لنصوص ما بين قاصرة السند أو ضعيفة الدلالة، أو مخالفة للمجمع عليه في الظاهر، كصحيح الحيضتين (1) المتقدم سابقا وكصحيح الحلبي (2) المحمول كما عرفت على عدم أمانة المخبر أو على الاستبراء من وطئ غير المالك، وأما الخبر (3) (أشتري الجارية من الرجل المأمون فيخبر في أنه لم يمسها منذ طمثت عنده وطهرت؟ فقال: ليس بجايز أن تأتيها حتى تستبرأها بحيضة) فيجب حمله على الندب الذي أشعرت به بعض النصوص السابقة به أو يطرح لقصوره