والرابعة والسادسة من روايات القول الثاني - يدل على نفي اختيارها، إذ المراد: أنه ليس مع إذن أبيها أمر، وهو كذلك، ألا ترى أنه إذا وكل أحد زيدا وعمروا مستقلا في أمر يصح أن يقال: ليس لزيد مع إذن عمرو أمر وبالعكس.
أو المراد: أنه ليس لها منضمة مع أبيها أمر، وليس المراد أنه ليس لها مع وجود أبيها أمر، إذ قوله: " إذا كانت بين أبويها " كان دالا على وجود الأب، فلا معنى لقوله: " مع الأب " بل يكون لغوا.
فالمراد: أنه إذا كانت بين أبويها فليس مع إذن الأب أو تزويجه أو حضوره أو انضمامه أمر، وهو كذلك، ولا أقل من احتمال ذلك، فلا يدل على انتفاء الأمر لها مطلقا، وإنما يدل على انتفائه مع الأب.
وكذا لا يتوهم أن قوله: " لا تنكح إلا بأمرها " (1) أو: " لا تنكح إلا بإذن آبائهن " (2) [يدلان] (3) على انتفاء استقلال أحدهما، إذ غاية ما يدلان عليه رجحان ذلك، وهو مسلم.
ولا أن قوله في الرواية السادسة عشرة وما بعدها: " هي أملك بنفسها بعد أن نكحت قبله " يدل على عدم اختيارها، إذ مفهومه أن قبل النكاح ليست بأملك، وهو كذلك، لأن الأب أيضا مالك لها.
نعم، مفهوم قوله في الخامسة عشرة: " لا بأس أن تزوج نفسها إذا كانت ثيبا " أنها إذا كانت بكرا يكون بأس في تزويجها، وإذا لوحظ ذلك مع