ترجيح له على غير مما يمكن في المقام.
ومنه يعلم وجه المناقشة في البواقي غير الأولى أيضا، فإنها لا تثبت المطلوب إلا بحمل الآنية، والطعام، والفراش، والثوب على ما علم ملاقاتهم بالرطوبة معه، والمصافحة على صورة رطوبة اليد، ولا ترجيح لشئ من ذلك على حمل النهي على الكراهة، سيما مع معارضتها مع مفهوم صحيحة محمد: عن آنية أهل الكتاب، فقال: " لا تأكلوا في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيها الميتة، والدم، ولحم الخنزير " (1).
ورواية زكريا بن إبراهيم: إني رجل من أهل الكتاب، وإني أسلمت، وبقي أهلي كلهم على النصرانية، وأنا معهم في بيت واحد لم أفارقهم بعد، فآكل من طعامهم؟ فقال لي: " يأكلون لحم الخنزير؟ " قلت: لا ولكنهم يشربون الخمر، فقال (لي) (2): " كل معهم واشرب " (3) إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في تجويز استعمال أوانيهم، واستعمال ثيابهم، الآتي بعضها.
مضافا إلى التصريح بالكراهة في صحيحة إسماعيل بن جابر: ما تقول في طعام أهل الكتاب؟ فقال: " لا تأكله " ثم سكت هنيئة، ثم قال: " لا تأكله " ثم سكت هنيئة، ثم قال: " لا تأكله، ولا تتركه تقول: إنه حرام، ولكن تتركه تنزها عنه، إن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير " (4).
هذا، مع أن الثانية بل كثير من غيرها لا يفيد بنفسه أزيد من الكراهة، للخلو عن صريح النهي.