ومتعة النساء. لما نسخت هذه الأحكام ظهر نسخها، كظهور الحكم الأول ابتداء. (1) قال أبو بكر رحمه الله: جعل عيسى استعمال الناس لأحد الخبرين موجبا لثبوت حكمه دون الآخر، لأن الإجماع حجة (2) لا تسع مخالفته، ولا يجوز اجتهاد الرأي معه، فالخبر الذي ساعده الإجماع منها ثابت الحكم، والآخر: إما أن يكون منسوخا، أو غير ثابت في الأصل.
وأما إذا اختلفوا فاستعمل بعضهم الآخر، ساغ الاجتهاد في استعمال أحدهما، فيكون ما عاضده شواهد الأصول أولى بالاستعمال، من قبل: أنهم لما اختلفوا لم يكن أحد الخبرين بأولى باستعمال حكمه من الآخر في ظاهر ورودهما، كان ما شهد له الأصول منهما أولى بالاستعمال، لأن شواهد الأصول لو انفردت عن الخبر لا يثبت الحكم بنفيها، فإذا ساعدت أحد الخبرين كان أولى بالإثبات.
وأيضا: فلما ثبت عن الصحابة (3) عرضهم كثيرا من أخبار الآحاد على (4) الأصول، ومقابلتها بالقياس واجتهاد (5) الرأي حسب ما حكينا عن جماعة منهم، فصار بشهادة الأصول تأثير في رد بعض الأخبار الآحاد، وحسب كون (6) مساعدتها لأحد الخبرين المتضادين - موجبة لاستعماله، دون الآخر الذي يخالفها.
وأيضا: لما اختلفوا في استعمال الخبرين، ولم يعب بعضهم على بعض ما ذهب إليه، فقد سوغوا الاجتهاد في إثبات حكم أحدهما بالنظائر، كسائر الحوادث.
وأما إذا كان أحدهما متقدما على الآخر والناس مختلفون فيهما (7)، فإن احتملا الموافقة ساغ الاجتهاد، لأنهم لما اختلفوا ولم يجعلوا الآخر قاضيا على الأول، فقد سوغوا