(أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد) (1) فلما سئل سهيل عنه قال: لا أعرفه.
فقيل له: فإن ربيعة يرويه عنك، فقال: إن كان ربيعة يرويه عني فهو كما قال. قال: فكان بعد ذلك يقول: حدثني ربيعة عني.
قال أبو بكر: وقد روي عن أبي يوسف في قاض ادعى عنده قضاؤه بحق لرجل، فلم يذكره - فأحضر المدعي (2) بينة لتشهد على قضائه له بذلك: أن للقاضي ألا يسمع ببينته على ذلك. وقال محمد رحمه الله: يسمع منها، ويقضي له بالحق.
فإن حملنا الخبر على الشهادة على قضاء القاضي، وهو لا يذكره - فالواجب على مذهب أبي يوسف: أنه يفسد الحديث إذا لم يذكره المروي عنه، وإن كان الراوي له ثقة.
ويجب على محمد أن يقبل.
وقد روي عن عمار: أنه قال لعمر حين خالفه في جواز التيمم للجنب: أما تذكر يا أمير المؤمنين أنا كنا في الإبل فأجنبت، فتمعكت في التراب، ثم سألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك، فتمسح بها وجهك وذراعيك.) (3) فلم يقنع عمر قول عمار وهو عنده ثقة أمين، إلا أنه ذكر أنه كان شاهدا للأمر الذي قاله. فلما لم يذكره عمر لم يأخذ به، فهذا يؤيد قول من يقول بفساد الحديث بجحود المروي عنه إياه.
ولا خلاف بين الفقهاء: في أن شاهدين عدلين لو قالا لرجل: قد كنت أشهدتنا على شهادتك: أن لفلان على فلان ألف درهم، وهو لا يذكر ذلك، أنه لا يسمعه أن يشهد عند القاضي بما قالا.
وكذلك لو رأى خطه ولم يذكر الشهادة لم يسعه إقامتها، وهذا أيضا مما يؤيد قول من أفسد الحديث بما ذكرنا.
فإن قيل: فقد يحتمل أن ينساه بعد روايته، إياه فينبغي أن يقبل رواية الثقة عنه.