منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٤٦٠
سابقا وشك فيه لاحقا. إلخ).
وظاهره كما أوضحه تلميذه المحقق في حاشيته هو: أن القضايا الشرعية إن كانت على نهج القضايا الخارجية التي ينشأ الحكم فيها للأفراد الموجودة بالفعل أو التي ستوجد فيما بعد فلا فعلية للحكم قبل وجود الموضوع. وإن كانت على نهج القضايا الحقيقية التي ينشأ الحكم فيها للموضوع المفروض وجوده سواء أكان موجودا بالفعل أم سيوجد أم لم يقدر له الوجود أصلا، فحيث إن تمام الموضوع فيها هو تقدير الوجود بلا دخل لوجوده خارجا، ففعلية الحكم وما تتقوم به ليس إلا فرض الوجود له، وهو محقق بالفعل. ولما كانت القضايا الشرعية من سنخ القضايا الحقيقية لا الخارجية فالحرمة للعصير المغلي فعلية بفرض وجوده لا بوجوده خارجا، والمستصحب نفس هذه الحرمة بعد تبدل حال من حالات الموضوع، ولا تعليق في الحكم حتى يشكل ببعض ما تقدم من أن فعلية الحكم بفعلية موضوعه بجميع قيوده، والحرمة قبل الغليان إنشائية لا فعلية، والحكم الانشائي مما يصح سلب الحكم عنه حقيقة. وان تقدم الجواب عنه أيضا.
أقول: لم يظهر فرق بين مثل (العصير المغلي حرام) وبين (العصير العنبي إذا غلى يحرم) وذلك فان الأحكام الشرعية وإن كانت محمولة على موضوعاتها على نهج القضايا الحقيقية التي يفرض فيها الوجود، ولا يعتبر فيها وجود الموضوع خارجا كما في (المستطيع يحج) ولو لم يوجد مستطيع أصلا، وليست كالقضية الخارجية، إلا أن ذلك لا يقتضي فعلية الحكم المنشأ للموضوع المقدر وجوده قبل وجوده الخارجي، لإناطة فعلية الحكم بفعلية موضوعه بجميع ما يعتبر فيه.
وجعل الأحكام الشرعية من القضايا الحقيقية إنما هو لتصحيح الانشاء قبل وجود الموضوع وكفاية فرض وجوده، لا أن الحكم فيها فعلي، لكون تمام الموضوع هو تقدير الوجود حتى لا يلزم وجود الموضوع خارجا في فعلية الحكم. ويشهد