وثالثة: يكون متصرفا في عقد حمله، كما يمثل له بدليل نفي الضرر بناء على تكفله نفي الحكم الضرري. وما ذكره من عدم التنافي لا يتأتى في ما تكفل التصرف في عقد الحمل، إذ التنافي بين أدلة نفي الضرر وأدلة الاحكام مما لا يخفى، لتكفل أحدهما نفي الحكم والاخر اثباته، لان المفروض أن التصرف في نفس الحكم برفعه في بعض الموارد.
فما ذكر من الوجه لا يصلح لان يكون وجها لتقديم الدليل الحاكم على المحكوم لعدم اطراده في جميع موارد الحكومة.
مع أنه غير تام في نفسه وفي مورده - أعني: التصرف في عقد الوضع -.
وتحقيق ذلك: انك قد عرفت أن الدليل المتصرف في الموضوع - تضييقا - قد يقال: بأنه متكفل لاعتبار هذا الفرد خارجا عن الموضوع. وقد يقال: بأنه متكفل لبيان عدم الفردية بنحو الادعاء. وقد يقال: بأنه مسوق لبيان عدم الفردية حقيقة. وقد يقال: بأنه مسوق لتنزيل هذا الفرد منزلة الخارج. وعلى جميع هذه التقادير الأربعة لا يتم الوجه المذكور، لان التقادير الثلاثة الأول غير معترف بها لعدم تماميتها فلا يصح القول بها.
اما التقدير الأول - وهو القول بان الدليل الحاكم متكفل الاعتبار -، فلما يقرر في محله من عدم كون الأحكام الوضعية كالملكية وغيرها من المجعولات الشرعية الاعتبارية، بل هي منتزعة عن الأحكام التكليفية، لعدم ترتب اي فائدة على اعتبارها فتكون لغوا، لان الغرض من اعتبارها ليس إلا ثبوت الآثار الشرعية عند تحقق منشأ اعتبارها، وهذا يمكن تحقيقه بلا اعتبار للملكية مثلا، بان يترتب الحكم على تحقق منشأ اعتبارها بلا توسط اعتبارها، فيكون اعتبارها مستقلا لغوا، فلا وجود للأمور الاعتبارية الوضعية.
ولو سلم وجودها وان لها جعلا مستقلا، فلا يسلم بامكان الاعتبار الشخصي الفردي، ومنه الاعتبار الشرعي، بل يمنع ذلك ويختص الاعتبار