الموضوع للنجاسة فيه متقوم بالصورة النوعية والحكم محمول على النوع، وبالاستحالة يزول الموضوع، فمع الشك في طهارة المستحال إليه ونجاسته تحكم قاعدة الطهارة فيه. دون الثاني، لان موضوع النجاسة فيه ليس متقوما بالصورة النوعية، كالخشبية أو الثوبية - مثلا -، وانما الموضوع هو الجسم، وهو لم يزل بالاستحالة، فمع الشك في بقاء النجاسة في المستحال إليه تستصحب.
وقد خالفه الشيخ (رحمه الله)، وحكم: بان دقيق النظر يقتضي خلافه، وأفاده في تحقيق ذلك: انه لم يعلم بان النجاسة في المتنجسات محمولة على الصورة الجنسية وهي الجسم.
واما ما اشتهر في الفتاوى ومعاقد الاجماعات من أن كل جسم لاقى نجسا مع رطوبة أحدهما فهو نجس. فهو لا يدل على ما ذكره المفصل، لان التعبير بالجسم ليس من جهة تقوم الحكم بالجسمية واناطته بها، بل من جهة أداء عموم الحكم لجميع افراده وشموله لمصاديقه كلها، لكونه مشيرا إليها وكاشفا عنها، فلا ينافي أن يكون ثبوت الحكم لكل فرد من حيث خصوصيته المتقوم بها.
واستشهد لذلك بما إذا قال القائل: " كل جسم له خاصية وتأثير "، فان التأثير والخاصية من عوارض الأنواع لا الأجسام. فما نحن فيه نظير هذا القول في كون التعبير بالجسم من جهة تعميم الحكم لجميع الافراد من دون كون الحكم منوطا بالجسمية.
ثم ذكر (قدس سره): انه لو أبيت إلا عن ظهور معقد الاجماع في تقوم النجاسة بالجسم، فالاجماع لا اعتبار به، لان مستنده الأدلة الخاصة الواردة في الأنواع الخاصة، كالثوب والبدن والماء وغير ذلك، فاما ان نقول إن استنباط القضية الكلية المذكورة من هذا الأدلة انما كان للإشارة إلى ما تحدث فيه النجاسة وبيان ظرفها لا إلى ما تتقوم به النجاسة وتناط به وإلا فلا بد من طرح الاجماع والعمل بمقتضى الأدلة الواردة في مواردها من إناطة النجاسة بالعنوان