- بالتعبد بالصحة، بمعنى موافقة الامر، وبمعنى الاكتفاء بالمأتي به في مقام الامتثال. فان الشك في صحة العمل.
تارة: يكون سابقا على الاتيان - وهو المراد بها بمعنى موافقة الامر -، بمعنى انه حين إرادة الامتثال يشك في أن مجموع هذا العمل موافق للامر أولا.
وأخرى: يكون بعد الاتيان به - وهو المراد بها بمعنى الاكتفاء بالمأتي به في مقام الامتثال -، بمعنى انه بعد الاتيان بالعمل يشك في الاكتفاء به في الامتثال وسقوط الامر وعدمه. وموافقة الامر ليست حكما شرعيا، ولا موضوعا لحكم شرعي، بل هي انما تنتزع عن تعلق الامر بما يطابق المأتي به وهو أمر شرعي.
وكذلك الاكتفاء به في الامتثال، فإنه أمر عقلي يدور مدار سقوط الامر وعدمه - وان خالف في ذلك بعض الأعاظم، فجعله بيد الشارع (1) -، ولكنه ينتزع عن بقاء الامر وعدم بقاء وهو أمر شرعي، كما لا يخفى. والصحة بكلا هذين المعنيين وإن لم تكن من الأحكام الشرعية ولا من موضوعاتها، ولكنها منتزعة عن أمر شرعي. فالتعبد بها بلحاظ منشأ انتزاعها. وما نحن فيه ليس كذلك، لان الصحة والبطلان بالمعنى المذكور - وهو الاعتداد بها وعدمه - تنتزعان عن التمكن من ضم باقي الاجزاء إليها وعدم التمكن، وهو ليس بامر شرعي. وان كان منتزعا عن أمر شرعي، فلا يجري الاستصحاب فيها لأنها تنتزع عن أمر غير شرعي بل انتزاعي.
الوجه الثاني: ان المشكوك على تقدير مانعيته نسبته إلى الاجزاء السابقة واللاحقة على حد سواء، فكما يمنع عن الاعتداد بالاجزاء السابقة كذلك يمنع عن الاعتداد باللاحقة، فاستصحاب بقاء الاعتداد بالاجزاء السابقة لا يجدي.
في اثبات الاعتداد بالاجزاء اللاحقة وصحتها بهذا المعنى، الا بنحو الأصل