واما الفرض الثالث: فهو كالفرض الثاني في عدم جريان الاستصحاب لعين الملاك لتخلل اليقين بالخلاف في أحدهما المعين وهو الاناء الشرقي، ولما كان كل منهما من المحتمل أن يكون هو الاناء الشرقي امتنع جريان الاستصحاب في كل منهما، لاحتمال انفصال زمان شكه عن زمان يقينه.
وبالجملة: فالاستصحاب لا يجري الا في الفرض الأول. خلافا للمرحوم الطباطبائي (قدس سره) صاحب العروة حيث حكم بجريانه في جميع الفروض كما هو ظاهر عبارته (1).
وبعد ان قرر المحقق النائيني (رحمه الله) ذلك فرع عليه عدم جريان استصحاب النجاسة في الدم المردد بين كونه مسفوحا وبين كونه من المتخلف، بناء على نجاسته مطلقا ولو قبل خروجه من البطن لعدم احراز اتصال الشك باليقين زمانا، للعلم بطهارة أحدهما المعين وهو المتخلف عند الذبح ثم اشتبه في الخارج ومثله الدم المردد بين كونه من بدن الانسان أو مما امتصه البق، للعم بطهارة ما امتصه البق واشتباهه خارجا. هذا محصل كلامه (قدس سره) (2).
ولكنه انما يتم بناء على اعتبار وجود يقين سابق وشك لا حق في جريان الاستصحاب، حيث يقال عليه: ان اليقين السابق قد انتقض باليقين بالخلاف، فلا اتصال بين زماني الشك واليقين.
أما بناء على ما حقق من عدم اعتبار ذلك، بل اعتبار خصوص وجود يقين بالحدوث وشك بالبقاء فعليين ولو حصلا في آن واحد، فلا يتم ما ذكره لتحقق اليقين والشك الفعليين في الفروض الثلاثة جميعا، ولا معنى لدعوى الاتصال أو الانفصال، لعدم التعدد الزماني بينهما.