اتصال زمان الشك بزمان اليقين، وانه قد لا يتضح في بعض الموارد، فروضا ثلاثة حكم بجريان الاستصحاب في أحدها وبعدمه في الآخرين وبنى على ذلك بعض المسائل الفقهية التي وقعت محل الخلاف.
وبيانه باجمال: - انه لو كان هناك إنائان غربي وشرقي، وعلم تفصيلا بنجاسة كل منهما، وأصاب المطر أحدهما، فههنا فروض ثلاثة:
الأول: أن يكون ما أصابه المطر مجملا مرددا بينهما على حد سواء، فيعلم اجمالا بطهارة أحدهما غير المعين.
الثاني: أن يكون ما أصابه المطر معلوما بالتفصيل، كالإناء الشرقي مثلا، فيعلم بطهارة خصوص الاناء الشرقي، وكان متميزا حين العلم ثم اشتبه بالاناء الغربي.
الثالث: عين الفرض الثاني، إلا أن الاناء الشرقي لم يكن متميزا حين العلم أصلا، بل كان مشتبها بالاخر، فهو وسط بين الفرضين كما لا يخفى.
ولا اشكال في سبق اليقين بالنجاسة بكلا الإنائين والشك في بقائها - على جميع الفروض -، لعدم معرفة الطاهر منهما، فكل منهما يشك في بقاء نجاسته المعلومة، الا انه مع ذلك لا يجري استصحاب النجاسة في كلها، بل انما يجري في خصوص الفرض الأول، لاتصال زماني اليقين والشك، لعدم تخلل أي يقين بالخلاف بينهما، لان نسبة العلم بالطهارة إلى كل منهما على حد سواء، لعدم أخذ أي خصوصية في متعلقه، فكل منهما كان متيقن النجاسة والآن مشكوكها فتستصحب - مع قطع النظر عن جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي وعدمه.
اما الفرض الثاني: فلا يجري فيه الاستصحاب بلا اشكال، لانفصال زمان اليقين عن زمان الشك في أحدهما المعين، لتخلل اليقين بالخلاف فيه، فلا يمكن استصحاب النجاسة في كل منهما لاحتمال انفصال زمان شكه عن زمان يقينه من جهة احتمال أن يكون هو ذلك الاناء.