استصحاب الكلي في الاحكام ثم إنه لو التزم بجريان الاستصحاب الكلي، فقد يقال: بلزوم التفصيل بين الاحكام والموضوعات، فيجري في الموضوعات دون الاحكام، وذلك لان الاستصحاب في الأحكام الشرعية يقتضي تعلق الجعل بها بأنفسها. ومن الواضح ان الكلي لا يمكن ان يتحقق من دون أن يكون متخصصا بالفصل الخاص، فلا يمكن جعل الكلي بما هو كلي، فيمتنع تعلق الجعل بكلي الحكم بما هو كلي. وجعل الكلي متخصصا بخصوصية خاصة لا يتكفله دليل الاستصحاب.
وعليه، فلا مجال لاستصحاب كلي الطلب عند دوران الامر بين الوجوب والاستصحاب.
واما في الموضوعات، فيما انها لا تقبل الجعل الشرعي، بل المجعول هو الأثر المترتب عليها، فلا محذور في اجراء الاستصحاب في الموضوع الكلي إذا كان موردا للأثر الشرعي الخاص، ويكون التعبد في الحقيقة بأثره لا بنفسه، فلا يرد الاشكال الوارد في استصحاب كلي الحكم.
ولا يخفى ان هذا البيان لا يختص بهذا القسم من استصحاب الكلي.
ثم إنه يصلح ايرادا على صاحب الكفاية، لان عنوان كلامه هو استصحاب الكلي في الاحكام، وعطف عليه في آخر كلامه استصحابه في الموضوعات. وقد أجيب عنه في كلمات بعض المحققين (1)، وملخصه: ان المنشأ في الوجوب والاستحباب واحد وهو الطلب والبعث بداعي جعل الداعي، وليست خصوصية الندب أو الوجوب مقومة للمنشأ والمجعول، وانما هي تنتزع عن مبدأ الحكم المجعول، فإذا كانت المصلحة لزومية ثبت الوجوب وإذا كانت المصلحة