أقول وفيما ذكره قدس سره نظر. أما أولا فلانه بناءا على اعتبار العموم من باب أصالة عدم القرينة أيضا لو قدمنا الخاص، فلا يكون وجه تقدمه الا الورود، لعدم تعقل الحكومة في اللبيات، كما لا يمكن القول بالتخصيص، فلا بد ان يلتزم القائل - بتقدم الخاص الظني السند على العام في هذا الفرض - بان أصالة عدم القرينة معتبرة، ما لم يدل دليل معتبر على القرينة، وان كان غير علمي.
وأما ثانيا فلانه قدس سره وان أصاب فيما أفاد من أنه لا نجد من أنفسنا موردا يقدم فيه العام من حيث هو على الخاص، وان كان أضعف الظنون المعتبرة، ولكنا أيضا لا نجد من أنفسنا كون حجية الظواهر بحسب الشأن والاقتضاء مقيدة بعدم وجود ظن معتبر على خلافها. نعم نرفع اليد عنها في بعض الموارد، وان لم يعلم بالقرينة، لكن ليس ذلك من جهة قصورها في الحجية، بل من جهة تقديم ما هو أقوى منها.
والحاصل أن تقديم الخاص الظني على العام، وإن كان نجده من أنفسنا كما افاده، ولكن وجهه ليس ما أفاده قدس سره، كما أنه مما نجده من أنفسنا أيضا. والذي يخطر بالبال في المقام في وجه التقديم هو أن دليل اعتبار السند يجعل ظهور العموم في الخاص بمنزلة معلوم الخلاف، (137) فان الاخذ
____________________
التعادل والترجيح (137) لا يخفى أن ذلك التقريب بالآخرة يرجع إلى حكومة دليل اعتبار السند على دليل حجية الظواهر، كما يظهر بأدنى تأمل وهو ينافي ما افاده (أعلى الله مقامه) آنفا من عدم تعقل الحكومة في اللبيات، فالأولى ما ذكره الشيخ (قدس سره) من تقيد الحجية الفعلية للظواهر في نظر العقلاء بعدم وجود حجة معتبرة أقوى منها من حيث الدلالة، ولو كان سندها أو جهة صدورها مستندا إلى غير العلم، وهذا معنى الورود. والظاهر عدم الفرق في ذلك بين استنادهم في ذلك إلى أصالة عدم القرينة أو أصالة الظهور،