الجهات فلا فرق بينهما أصلا.
وبذلك يتضح فساد ما أفاده (قدس سره): من أن الفرق بينهما في أركان أربعة، وتوضيح الفساد: أن الأركان التي جعلها ملاك الفرق في المقام كلها فاسدة:
أما الركن الأول: فلأنه يبتني على المقابلة بين إيجادية المعاني وإخطاريتها فنفي الأولى يستلزم إثبات الثانية. ولكنك عرفت: أنه لا مقابلة بينهما أصلا، ومعه لا يكون نفي الإيجادية عن المعاني الحرفية مستلزما لإخطاريتها، فإن ملاك إخطارية المعنى الاستقلال الذاتي، فإذا كان كذلك يخطر في الذهن عند التعبير عنه، سواء أكان في ضمن تركيب كلامي أم لم يكن، وملاك عدم الإخطارية عدم الاستقلال كذلك، ولذا لا يخطر في الذهن عند التكلم به منفردا، وهذا غير كونه إيجاديا، وعليه فلا مقابلة بينهما.
وأما الركن الثاني: وهو أنه لا واقع للمعاني الحرفية بما هي معان حرفية في ما عدا التراكيب الكلامية، فلما بيناه: من أنها كالمعاني الاسمية ثابتة ومتقررة في عالم المفهومية، سواء استعملت الحروف والأدوات فيها أم لم تستعمل، غاية الأمر لا استقلال لها بحسب الذات.
وأما الركن الثالث: وهو الفرق بين الإيجاد في الإنشاء والإيجاد في الحروف فيظهر فساده بما ذكرناه: من أن معانيها ليست إيجادية ليكون الفرق بينهما مبتنيا على ما ذكره (قدس سره): من أنه لا وعاء لها غير الاستعمال والتركيب الكلامي، وهذا بخلاف الإيجاد في الإنشاء فإن له وعاء مناسبا وهو عالم الاعتبار.
وأما الركن الرابع: وهو أن حال المعاني الحرفية حال الألفاظ حين استعمالاتها فيتضح بطلانه أيضا بما تقدم.
ثم إن من الغريب جدا أنه (قدس سره) جعل هذا الركن هو الركن الوطيد في المقام، وذكر: أن بانهدامه تنهدم الأركان كلها، فإن المعنى الحرفي لو كان ملتفتا إليه لكان