وعلى ضوء هذا يستبين فساد ما أفاده شيخنا الأستاذ (1) (قدس سره) من أنه على الصحيحي لا مناص من الرجوع إلى قاعدة الاشتغال، كما أنه على الأعمي لا مناص من الرجوع إلى البراءة، بتقريب أن تصوير الجامع على الصحيحي لا يمكن إلا بتقييد المسمى بعنوان بسيط خاص: إما من ناحية علل الأحكام، أو من ناحية معلولاتها، وأن هذا العنوان خارج عن المأتي به ومأخوذ في المأمور به، وعليه فالشك في اعتبار شئ جزءا أو شرطا - لا محالة - يوجب الشك في حصول العنوان المزبور، فيرجع الشك - حينئذ - إلى الشك في المحصل، والمرجع فيه قاعدة الاشتغال دون البراءة.
والوجه في فساده: هو ما سبق (2) من أن الجامع على القول بالصحيح على كل تقدير لا بد من أن ينطبق على الأجزاء والشرائط انطباق الكلي على أفراده، وعليه كان الشك في اعتبار جزء أو قيد في المأمور به من دوران المأمور به نفسه بين الأقل والأكثر، فعلى القول بالانحلال كان المرجع فيه البراءة عن وجوب الأكثر، فنتيجة ذلك: هي أن المأمور به بتمام أجزائه وشرائطه هو الأقل دون الأكثر، وقد عرفت (3) أن القول بالاشتغال مبني على أن يكون المأمور به عنوانا بسيطا مسببا عن الأجزاء والشرائط الخارجيتين، ومتحصلا منهما، وهو خلاف المفروض.
وأما ما ذكره (قدس سره): من أنه على الصحيحي لا بد من تقييد المسمى بعنوان بسيط: إما من ناحية العلل، أو من ناحية المعلولات فيرده: أنه خلط بين الصحة الفعلية التي تنتزع عن انطباق المأمور به على المأتي به في الخارج، والصحة بمعنى التمامية، فالحاجة إلى التقييد إنما تكون فيما إذا كان النزاع بين الصحيحي