ولكن المقام لا يكون من ذلك الباب، فإن الجامع الذي فرض وجوده بين الأفراد الصحيحة لا يخلو أمره: من أن يكون من الماهيات المتأصلة المركبة، أو البسيطة، أو من الماهيات الاعتبارية والعناوين الانتزاعية، وعلى كل تقدير لا بد من أن يكون منطبقا على الأجزاء والشرائط الخارجية انطباق الكلي على أفراده، ومعه لا يرجع الشك إلى الشك في المحصل ليكون المرجع فيه قاعدة الاشتغال.
أما على الأول: فلأن المفروض أن الجامع هو عين الأجزاء والشرائط، فالاجزاء مع شرائطها بأنفسها متعلقة للأمر، ووحدتها ليست وحدة حقيقية، بل وحدة اعتبارية، بداهة أنه لا تحصل من ضم ماهية الركوع إلى ماهية السجود ماهية ثالثة غير ماهيتهما. وعليه فلا مانع من الرجوع إلى البراءة عند الشك في اعتبار شئ زائد على المقدار المعلوم بناء على صحة الانحلال في مسألة دوران الواجب بين الأقل والأكثر الارتباطيين، لأن تعلق التكليف - حينئذ - بالمقدار المتيقن من الأجزاء وقيودها معلوم، والشك في غيره شك في التكليف فالمرجع فيه البراءة، وبناء على عدم الانحلال في تلك المسألة فالمرجع فيه قاعدة الاشتغال.
وأما على الثاني: فكذلك، لأن الطبيعي عين أفراده خارجا ومتحد معها عينا، فالأمر المتعلق به متعلق بالأجزاء مع شرائطها، سواء قلنا بأن متعلق الأوامر الطبائع أم قلنا بأنه الأفراد. أما على الثاني واضح. وأما على الأول فلاتحاد الطبيعي معها، غاية الأمر: أن الخصوصيات الفردية غير دخيلة في ذلك. فعلى كلا القولين يرجع الشك في اعتبار شئ جزءا أو شرطا إلى الشك في إطلاق المأمور به وتقييده، لا إلى أمر خارج عن دائرة المأمور به، فبناء على الانحلال في تلك المسألة كان المرجع فيه البراءة عن التقييد المشكوك فيه.
وأما على الثالث: فالأمر أيضا كذلك، لأن الأمر الانتزاعي لا وجود له خارجا ليتعلق به الأمر، وإنما الموجود حقيقة هو منشأ انتزاعه، فالأمر في الحقيقة متعلق