(ولنذكر لذلك مثلا) وهو انك إذا كنت قادما من دارك إلى المسجد قاصدا إياه فكلما تضعه من الاقدام مطلوب غيرى للوصول إلى المسجد، ولكنك قد تكون ملتفتا في حال مشيك إلى كل قدم قدم كما تكون ملتفتا إلى المسجد الذي هو المطلوب النفسي، وقد لا تكون كذلك بل الذي يكون بمد نظرك هو الكون في المسجد فقط، ولم يتعلق بالاقدام لحاظ استقلالي بل كانت ملحوظة بنحو المعنى الحرفي، ففيما نحن فيه أيضا المطلوب النفسي هو صدور الضرب (مثلا) عن المطلوب منه، والبعث مطلوب غيرى يتوصل به إلى المطلوب النفسي، ولكن في مقام اللحاظ قد يلحظ البعث أيضا بنحو الاستقلال كما يلحظ المطلوب النفسي، وقد لا يلحظ الا بنحو الاندكاك، فعلى الأول يكون انشائه بمثل آمرك أو أطلب منك، وعلى الثاني يكون انشائه بمثل اضرب ونحوه، هذه خلاصة الفرق بين الامر بصيغته والامر بمادته، (وكان بعض مشايخنا) (قدس سره) يقول في الفرق بينهما:
ان صيغة افعل قد وضعت للدلالة على النسبة الموجودة بين الحدث وفاعله نظير النسب الموجودة في سائر الأفعال، والطلب يستفاد من الخارج، وهذا بخلاف مثل آمر وأطلب فإنهما موضوعان للطلب.
(وفيه) ان النسبة اما تصورية قصد بالقائها إلى المخاطب تصوره لها، واما تصديقية قصد بالقائها إليه تصديقه لها، والموجودة في قولنا (اضرب) ليست من إحديهما لوضوح انه ليس المقصود من قولك (اضرب) تصور المخاطب صدور الضرب عن نفسه ولا التصديق بوقوعه منه، (اللهم الا ان يقال): ان مراده (قده) كون حيثية الطلب أيضا من انحاء الاستعمال في قبال التصورية والتصديقية بان يقال: إنه كما قد يوضع اللفظ للدلالة على نسبة خاصة بدلالة تصورية كقولنا (ثبوت القيام لزيد)، وقد يوضع للدلالة عليها بدلالة تصديقية كقولنا (قام زيد) فكذلك قد يوضع للدلالة على نسبة خاصة بنحو يطلب تحققها من قبل المسند إليه فيكون استعمال اللفظ الدال على هذه النسبة استعمال من يطلب تحققها من قبل المسند إليه في قبال الاستعمال الذي يكون بداعي التصور أو التصديق، وعلي هذا يكون الموضوع له في الصيغ الانشائية الطلبية هو نفس انتساب المبدأ إلى المخاطب، ويكون حيثية الطلبية من انحاء الاستعمال في قبال حيثية التصورية أو التصديقية، وإن شئت تفصيل