العلم التفصيلي بوجود الأقل والشك البدوي بالنسبة إلى الجزء المشكوك فيه، لكنا نقول: ان الاشتغال اليقيني بالأقل يقتضى البراءة اليقينية منه، والمفروض ان الأقل يتردد امره بين كونه تمام المطلوب وبين كونه واجبا في ضمن الأكثر، وعلى الثاني فيتوقف صحته على اتيان الأكثر، فان المفروض كون الأقل والأكثر ارتباطيين، فالاتيان بالجزء المشكوك فيه دخيل في صحة الأقل على فرض كون الواجب بحسب متن الواقع هو الأكثر والحاصل انا نسلم انحلال العلم الاجمالي في مقام اثبات التكليف وارتفاع العقاب من ناحية الجزء الزايد، ولكن نقول: ان الاشتغال اليقيني بالأقل يقتضى قهرا الاتيان بالجزء المشكوك فيه حتى يحصل الفراغ اليقيني من ناحية الأقل.
(قلت) هذه هي عمدة ما استدل به القائل بالاشتغال، (ويرد عليه) انه (ان كان المراد) ان العلم بترتب الغرض على الأقل يتوقف على الاتيان بالأكثر، ففيه ان تحصيل الغرض الذي لم يقم عليه حجة شرعية غير لازم، والمفروض عدم قيام الحجة على وجوب الأكثر.
(وان كان المراد) ان اتيان الأقل وامتثال امره مشروط باتيان الأكثر، (ففيه) ان معنى الارتباط ليس اشتراط كل واحد من الاجزاء بالاجزاء الاخر واخذها قيدا له، بل معناه (كما عرفت) وقوع الاجزاء المتباينة المتكثرة بحسب الذات تحت امر واحد، فالاجزاء بالاسر تعلق بها امر واحد، ولا محالة يتكثر الامر ويتبعض بتكثر المتعلق تكثرا اعتباريا نحو تكثر العرض وتبعضه بتبع المعروض، فكل واحد من الاجزاء مأمور به بالأمر الانبساطي، والعلم به يوجب تتنجزه ولزوم الفراغ من قبله وذلك يحصل باتيانه قهرا.
(وبالجملة) فكما يتبعض الامر في مقام التعلق يتبعض في مقام التنجز والامتثال أيضا، فإذا أتى المكلف بما تنجز عليه حصل له الامن من العقاب.
(ومما ذكرنا ظهر) ان الامر المتعلق بالاجزاء ليس امرا غيريا، بل هو عين الامر النفسي الوحداني المتعلق بالمركب سواء كان متعلقا بحسب متن الواقع بالأقل أو الأكثر.
ويظهر من الشيخ (قدس سره) تردد الامر بالأقل بين كونه نفسيا أو غيريا، ومع ذلك