اللفظ بقصد ان يوجد بشخصه في ذهنه، ويصير الحكم المذكور في القضية قرينة صارفة عن المعنى ومعينة لإرادة هذا اللفظ الصادر بشخصه.
(وإذا كان مراد المتكلم) هو الحكم على مثل هذا الشخص الصادر فهو يذكر اللفظ لينتقل بطبيعته إلى ذهن المخاطب، فيتوجه ذهنه إلى صرف الطبيعة غافلا عن خصوصياتها وينتقل بقرينة الحكم إلى الحصة المتحققة منها في ضمن الشخص المراد، فالانتقال إلى المثل بسبب القرينة نظير تعدد الدال والمدلول، لا باستعمال هذا اللفظ الخاص في مثله وبالجملة في هذه الموارد لا يراد من القاء اللفظ إلى المخاطب وايجاده في ذهنه ان ينتقل منه إلى شئ آخر.
(بل يراد في الأول) ان يوجد اللفظ (بما أنه طبيعة اللفظ وملقاة عنه خصوصية صدوره عن هذا المتكلم في هذا الزمان) في ذهن المخاطب، ويقف عليه ذهنه فيحكم عليه أو به، (وفي الثاني) ان يوجد بخصوصية صدوره عن هذا المتكلم في هذا الزمان في ذهنه ويقف عليه (وفي الثالث) ان يوجد بطبيعته في ذهنه، ويقف ذهنه بسبب القرينة على حصة خاصة منها متحققة في ضمن شخص آخر مماثل. والحكم المذكور في القضية في الموارد الثلاثة قرينة على المراد، وموجب لعدم عبور ذهن المخاطب من اللفظ إلى شئ آخر، فلا يكون في هذه الموارد استعمال وافناء للفظ في شئ آخر، فلا يصح اطلاق لفظ الاستعمال.
(فان قلت) إذا قال قائل (زيد لفظ مثلا) فقلت أنت حاكيا عنه (زيد المذكور في قول هذا القائل اسم) يكون قولك (زيد) مرآتا للفظ الواقع في كلامه، وسببا للانتقال إليه فيصير من قبيل الاستعمال.
(قلت) لا يكون المراد من ذكر لفظ (زيد) افنائه في اللفظ الواقع في كلام القائل افناء اللفظ في المعنى، بل يكون المراد كما عرفت وجوده بطبيعته في ذهن المخاطب.
واما انتقال ذهنه إلى الشخص منه (الواقع في كلام القائل) فبالقرينة المذكورة في الكلام فليس في هذا القسم أيضا استعمال.
(فان قلت) إذا قيل (ضرب فعل ماض) مثلا أو قيل (لو حرف شرط) فلا يصح ان يراد نفس هذا اللفظ بل يكون مرآتا للاشخاص الاخر، فيصير من قبيل الاستعمال، بداهة ان