(وبالجملة) فيتحد الوضع والدلالة والتبادر، وليس الوضع بمعناه الجامع امرا وراء التبادر حتى يصير علامة له فافهم.
(الثانية) من علائم الحقيقة عدم صحة السلب، وبعبارة أخرى صحة الحمل، كما أن صحة السلب علامة المجازية، وحيث إن كلا من الحمل والسلب يتوقف على موضوع ومحمول تصدى المحقق القمي (قدس سره) لبيانهما (بما حاصله): ان المحمول المسلوب في علامة المجاز جميع المعاني الحقيقية بمعنى ان صحة سلب جميع المعاني الحقيقية عن المستعمل فيه فعلا علامة المجازية، والمحمول المثبت الموضوع في علامة الحقيقة واحد من المعاني الحقيقية لا جميعها. (انتهى) وكان الداعي إلى هذا التفكيك هو عدم ورود النقض في اللفظ المشترك. ولا يخفى ان تقرير العلامتين بهذا النحو لا يخلو من الفساد إذ بعد احراز جميع المعاني الحقيقية لا يبقى شك حتى يجعل لنا علامة. ولأجل الفرار من هذا الاشكال ذكر شيخنا الأستاذ (طاب ثراه) في الكفاية تقريبا آخر وحاصله (بتوضيح منا) ان الموضوع في القضية هو المعنى الذي أريد بيان حاله، والمحمول عبارة عن نفس اللفظ لا بما أنه صوت من الأصوات، بل بما أنه مندك فيما وضع له وفان فيه ومرآة له وبعبارة أخرى بما أنه يعد من مراتب وجود المعنى، ولأجل ذلك يعبر عنه بالوجود اللفظي، وصحة حمل اللفظ بهذا اللحاظ على المعنى الذي أريد بيان حاله بالحمل الأولى علامة كونه عين الموضوع له، وبالحمل الشايع علامة كونه من افراده. وكذلك في طرف السلب فصحة سلب اللفظ عنه بالسلب الأولى علامة لعدم كونه عين الموضوع له وان بقي احتمال كونه من افراده، و بالسلب الشايع علامة لعدم كونه من افراد الموضوع له وان بقي احتمال كونه عينه (انتهى).
(أقول): تقسيم الحمل إلى القسمين صحيح، ولكن السلب ليس على قسمين فان الملاك لصحة الحمل هو الاتحاد. فإن كان الاتحاد بحسب المفهوم كان الحمل أوليا ذاتيا وان كان بحسب الوجود الخارجي كان شايعا صناعيا، واما السلب فملاكه عدم الاتحاد، وعدم الطبيعة بعدم جميع افرادها. فما دام يوجد نحو من الاتحاد بين الموضوع والمحمول لا يصح سلبه عنه، (وبالجملة) فملاك السلب عدم الاتحاد ولا يتحقق ذلك الا بعد عدمه مفهوما ووجودا، فللحمل قسمان، وللسلب قسم واحد.