وقال شيخنا الاستاد في الكفاية (ما حاصله): ان جعله علامة للمجاز لعله بملاحظة نوع العلايق، والا فبملاحظة خصوص ما يصح معه الاستعمال فالمجاز أيضا مطرد كالحقيقة (انتهى). (أقول): الظاهر صحة جعل الاطراد وعدمه علامتين بتقريب لا يرد عليه ما ذكره المحقق القمي وصاحب الكفاية (بيان ذلك) انك قد عرفت (في الامر الثالث) ان اللفظ في الاستعمالات المجازية أيضا لا يستعمل الا فيما وضع له، غاية الامر انه في الاستعمالات الحقيقية يكون المراد الجدي عين الموضوع له حقيقة، وفي الاستعمالات المجازية يكون عينه أو من افراده ادعاء وتنزيلا، وملاحة جميع المجازات ولطافتها مستندة إلى هذا الادعاء (فأسد) في قولك (رأيت أسدا يرمى) لم يستعمل الا في الحيوان المفترس، غاية الامر انه توسط في البين ادعاء كون زيد الشجاع من افراده، فهذه القضية تنحل إلى قضيتين يحتاج الاخبار في كل منهما إلى جهة محسنة، مفاد احدى القضيتين تعلق الرؤية برجل يرمى، ومفاد الأخرى كون هذا الرجل بالغا في الشجاعة حدا يصح جعله من افراد الأسد واستعمال لفظ الأسد فيه، وملاك الحسن في الاخبار الأول ما هو الملاك في قولك (رأيت رجلا يرمى) وهو كون المقام مقام هذا الاخبار بان يفيد فائدة الخبر أو لازمها.
وملاك الحسن في الاخبار الثاني امران.
(الأول) حسن هذا الادعاء ذاتا بان يكون بين الموضوع له والمراد الجدي كمال المناسبة بحيث يحسن ادعاء كون المراد الجدي عين الموضوع له أو من افراده، وإن شئت فسم ذلك بمصحح الادعاء.
(الثاني) كون المقام مقام هذا الادعاء، فإنه ربما يوجد كمال المناسبة والعلاقة بينهما بحيث تصحح الادعاء ذاتا ولكن المقام غير مناسب لاظهار هذا الادعاء، (مثلا) ان كان جليسك رجلا شجاعا بالغا فيها حدا يصحح ادعاء كونه من افراد الأسد، حسن هذا الادعاء واستعمال لفظ الأسد فيه إذا كان المقام مقام إظهار شجاعته كأن يكون المقصود مثلا تحريكه إلى الجهاد فيقال له: (يا أسد الهيجاء فرق الأعداء) ولا يحسن هذا الادعاء والاستعمال في مقام دعوته إلى الأكل مثلا بان يقال له: (يا أسد تفضل بأكل الطعام). وبالجملة فإذا لم يكن المقام مقام إظهار شجاعته كان ادعاء كونه أسدا واطلاق الأسد عليه قبيحا بنظر العقلاء