(وبتقرير آخر) الأوامر الشرعية ليست جزا فيه حتى تتعلق بأي شئ، وانما تتعلق هي بما يكون مشتملا على المصالح المنظورة والأغراض الملحوظة، ولا تتعلق ابدا بما لا دخالة له في الغرض الباعث على الامر، و (ح) فقد يكون المشتمل على المصلحة عبارة عن نفس حيثية الطبيعة فيجب لا محالة ان يتعلق الامر بنفس الطبيعة المطلقة، لا بقيد اطلاقها بحيث يكون الاطلاق أيضا ملحوظا بل بنفس حيثية الطبيعة التي لها اطلاق وسريان ذاتي، وقد يكون المشتمل على المصلحة عبارة عن الطبيعة المقيدة بقيد واحد أو أكثر فحينئذ لا بد من أن يتعلق الامر بهذه الطبيعة المشتملة على المصلحة (أعني المقيدة بالقيد الواحد أو الأكثر)، ولا يجوز في صورة عدم دخالة خصوصية من الخصوصيات في اشتمال الطبيعة على المصلحة ان تعتبر هذه الخصوصية في متعلق الامر للزوم الجزاف. (وعلى هذا) ففي ما نحن فيه ما هو المشتمل على الملاك والمصلحة عبارة عن طبيعة الصلاة المقيدة بوقوعها بين الحدين، فتقييدها عند الامر بها بالوقوع في غير الآن الأول مثلا تقييد لها بما لا دخالة له في اشتمالها على المصلحة فلا يجوز للمولى هذا التقييد بل يجب عليه أن لا يلاحظ الا ما له دخل في المصلحة الباعثة على الامر، فالمتعلق للامر الصلاتي ليس إلا طبيعة الصلاة المقيدة بوقوعها بين الحدين، وهذه الطبيعة مقدورة بواسطة القدرة على فرد منها، وإذا أتى المكلف واحدة من افرادها فقد تحقق منه الامتثال سواء كان هو الفرد الأول أو الثاني أو غيرهما، فان ترك المكلف اتيانها في ضمن الفرد الأول صار الفرد الأول غير مقدور من جهة مضى وقته ولكن الطبيعة المأمور بها باقية على مقدوريتها، وكذا ان ترك اتيانها في ضمن الفرد الثاني، وكذلك الفرد الثالث، وهكذا، بل لو ترك اتيانها في ضمن جميع الافراد الطولية المتصورة لها سوى الفرد الأخير فالافراد كلها سوى الفرد الأخير صارت غير مقدورة، ولكن الطبيعة المأمور بها باقية على المقدورية من جهة القدرة على اتيانها في ضمن الفرد الأخير، وان أتى المكلف بهذا الفرد صار فعله مصداقا للامتثال لا بما أنه اتيان بالطبيعة في هذا الزمان القصير، بل بما أنه ايجاد لما هو المشتمل على المصلحة أعني الطبيعة الواقعة بين الحدين.
(نعم) بعد تضيق وقتها وانحصارها في فرد واحد ليس للمولى الامر المطلق بشئ