طلب المحال، بداهة ان الطلبين بما هما طلبان ليسا مصداقا واحدا للطلب، وانما المصداق له هو هذا الطلب بحياله وذاك الطلب أيضا باستقلاله، كما أنه يصدق على زيد انه انسان وعلى عمرو أيضا كذلك، ولا يصدق عليهما معا انهما انسان بل انسانان.
(وبالجملة) استحالة البعثين اللذين تعلق كل منهما بأحد الضدين ليست من جهة كونهما طلبا للمحال وتكليفا بما لا يطاق كما قد يترائى من بعض عبائر المنكرين للترتب، بل الوجه في استحالتهما ان طلب المولى لما كان بداعي انبعاث المكلف نحو المكلف به وكان انبعاثه نحو هذا الضد مستقلا وذاك الضد أيضا مستقلا في رتبة واحدة وعرض واحد من المحالات، فلا محالة كان تحقق هذا النحو من الطلبين مستحيلا، وذلك لبداهة امتناع ان ينقدح في نفس الطالب الملتفت (في عرض واحد) إرادتان تشريعيتان تعلق كل واحد منهما بأحد الضدين، كما يمتنع ان ينقدح في نفسه إرادتان تكوينيتان كذلك (والحاصل) ان طلب المحال كجمع الضدين مثلا محال ولكن ما نحن فيه ليس من باب طلب المحال فان البعثين تعلق كل منهما بأمر ممكن، وليس لنا بعث متعلق بجمع الضدين، (غاية الامر) ان العقل بالتعمل والتدقيق يحكم بامتناع هذا النحو من البعثين والطلبين أيضا، (هذا كله) فيما إذا كان البعثان في عرض واحد بحيث كان كل منهما باعثا ومحركا في رتبة تحريك الاخر ولو في بعض الأحوال، واما إذا لم يكن الإرادتان والطلبان في عرض واحد بل كان أحدهما موجودا في رتبة عدم تأثير الاخر وعدم تحريكه نحو ما تعلق به كان وجود الاخر في هذه الرتبة والظرف بلا مزاحم إذ الفرض ان هذه الرتبة رتبة عدم تأثير الأول ورتبة خيبته عما قصد منه أعني داعويته للمكلف وانبعاثه بذلك نحو العمل، وفي هذه الرتبة يكون المكلف فارغا قادرا على ايجاد متعلق الامر الثاني كما يقدر على غيره من الأفعال فلا محالة ينقدح في نفس المولى في هذه الرتبة إرادة البعث بالنسبة إلى متعلق الامر الثاني إذا كان امرا ذا مصلحة ليشتغل العبد به دون غيره من الأفعال الغير المفيدة (والحاصل) ان استحالة تحقق الطلبين في عرض واحد مع ثبوت القدرة على متعلق كل منهما قد نشأت من جهة عدم امكان تأثيرهما في عرض واحد في نفس العبد و (ح) فلو فرض اشتراط أحدهما بصورة عدم تأثير الاخر في نفس العبد وصورة خيبته وعدم