متعلقة بانشاء البعث والتحريك، فاللازم على المولى بعد إرادة الفعل إرادة البعث ثم انشائه حتى يصير داعيا للمكلف، والإرادة التشريعية ليست عبارة عن إرادة صدور الفعل عن المكلف بل هي عبارة عن الإرادة الثانية المتولدة منها أعني إرادة البعث والتحريك لايجاد الداعي في نفس المكلف، وما يكون وزانها وزان الإرادة التكوينية انما هي الإرادة الأولى (أعني إرادة الفعل) لا الإرادة الثانية (أعني إرادة البعث)، فان البعث ليس إلا لايجاد الداعي في نفس المكلف وهذا الغرض يحصل بانشاء بعث واحد متعلق بالفعل المطلوب من دون احتياج إلى تحريكات متعددة بعدد المقدمات لما عرفت سابقا من أن نفس الامر المتعلق بذي المقدمة كاف في ايجاد الداعي بالنسبة إلى المقدمات أيضا فتأمل.
(الرابع) من الأدلة الوجدان، وتقريبه انا إذا راجعنا وجداننا نرى ان المولى إذا أمر بشئ له مقدمات، تكون هذه المقدمات أيضا مطلوبة له بمعنى ان له حالة بعثية بالنسبة إليها بحيث لو التفت إليها لأرادها وأمر بها فهي واجبة ومرادة بوجوب تبعي وإرادة تبعية وإن لم تكن ملتفتا إليها فعلا، ولذلك قد تراه يجعلها في قالب الطلب مستقلا فيقول مثلا: ادخل السوق واشتر اللحم، (وفيه) انا لا نسلم شهادة الوجدان على وجوب المقدمة بل هو من أقوى الشواهد على عدمه، بداهة أنه بعد مراجعة الوجدان لا نرى فيما ذكرت من المثال الا بعثا واحدا، ولو سئل المولى (بعد ما امر بشئ له مقدمات) هل لك في هذا الموضوع امر واحد أو أوامر متعددة؟ فهل تراه يقول إن لي أوامر متعددة؟! لا بل يجيب بأن لي بعثا واحدا وطلبا فاردا متعلقا بالفعل المطلوب. (نعم) لا ننكر ان العقل يحكم بوجوب اتيان المقدمات حفظا لغرض المولى وتمكنا من اتيانه، ولكن أين هذا من الوجوب الشرعي والطلب المولوي.
(وبالجملة) الوجدان من أقوى الشواهد على عدم تعدد البعث من قبل المولى بتعدد المقدمات، ولذا لو التزم المولى بان يعطى بإزاء كل امر امتثله العبد دينارا فامتثل العبد امرا صادرا عنه متعلقا بفعل له الف مقدمة مثلا، فهل ترى للعبد ان يطالب المولى بأكثر