قضية حملية مشتملة على رفع التالي لينتج رفع المقدم، وصورته ان يقال: لو لم تجب المقدمة لزم أحد المحذورين من التكليف بما لا يطاق وخروج الواجب المطلق من اطلاقه المساوق لاجتماع النقيضين لكن التكليف بما لا يطاق وخروج الواجب المطلق من اطلاقه باطلان، ينتج ان عدم وجوب المقدمة باطل، فيثبت وجوبه، هذا تقريب الاستدلال. (وفيه) ان المراد من قوله (ح) ان كان حين إذ جاز تركها، فالأوسط وان تكرر لكن الملازمة في الشرطية الثانية (التي هي كبرى القياس) ممنوعة، إذ جواز ترك المقدمة شرعا لا يستلزم تركها حتى يلزم أحد المحذورين بل هي باقية على وجوبها العقلي بمعنى اللابدية التي يحكم بها العقل، وان كان المراد من قوله (ح) حين إذ تركت فالشرطية الثانية وان صحت ولكن الأوسط لم يتكرر.
(الثاني) مما استدل به لوجوب المقدمة انه يشاهد في بعض الموارد ان بعض الموالى يأمر بالمقدمة كقول المولى لعبده مثلا: ادخل السوق واشتر اللحم، فيستفاد من ذلك أن جميع المقدمات في جميع الواجبات مأمور بها ولو تبعا، (بيان ذلك) ان الامر المتعلق بالمقدمة في هذا المثال امر وتحريك حقيقة مثل الامر المتعلق بذيها من غير فرق بينهما من جهة البعث والتحريك، ولا ملاك لهذا الامر المتعلق بالمقدمة الا مقدميتها لذيها الواجب ووقوعها في طريقه من دون أن يكون له ملاك آخر، فيستفاد من ذلك أن المقدمية للواجب أيضا من الملاكات المقتضية للامر والايجاب ومن العلل الموجبة لهما، ونتيجة ذلك وجوب كل ما وجد فيه هذا الملاك ولو بالوجوب التبعي بمعنى ان المولى لو التفت إليه لأراده ولانقدح في نفسه إرادة البعث نحوه (انتهى). (وفيه) ان الامر المتعلق بدخول السوق في هذا المثال ليس بحسب الحقيقة متعلقا بدخول السوق بان يكون هو المبعوث إليه في قبال اشتراء اللحم، بل هو أيضا في الحقيقة امر باشتراء اللحم (توضيح ذلك) ان دخول السوق (بما هو طريق إلى اشتراء اللحم) مأمور به ومبعوث إليه لا بما هو هو، فهذا البعث بالنظر الدقيق تأكيد للبعث المتعلق باشتراء اللحم وليس بعثا مستقلا في قباله، بداهة أن المبعوث إليه في قول المولى:
(ادخل السوق واشتر اللحم) عند العقلاء امر واحد وهو اشتراء اللحم لا امران.
(الثالث) من الأدلة ما ذكره بعض أعاظم العصر (وحاصله) ان الإرادة التشريعية وزانها وزان الإرادة التكوينية، فكما أن الإرادة التكوينية إذا تعلقت بفعل تتولد منها إرادات