وجعلوا المستند في ذلك صحيحة أبي بصير (1) عن أبي جعفر عليه السلام " قال: من ضرب مملوكا حدا من الحدود من غير حد أوجبه المملوك على نفسه لم يكن لضاربه كفارة إلا عتقه ".
وقد أنكر هذا الحكم رأسا ابن إدريس لعدم دليل يدل عليه. والمحقق والعلامة وأكثر المتأخرين عدلوا إلى الاستحباب، واحتج له في المختلف بأنه فعل محرم، والعتق مسقط لذنب القتل وهو أعظم من الضرب، فاستحب العتق، ولو استند إلى الرواية كان أجود، وإن لم تكن صريحة فيما ادعوا لأن ظاهرها أنه إذا ضربه حدا من الحدود من غير موجب أوجبه المملوك على نفسه، لا أنه إذا ضربه زيادة عن الحد بل لأنه ضربه حدا غير مستحق لضربه، والمتبادر من الحد هنا هو المقدار من العقوبة المستحقة على ذلك الفاعل مع إطلاق الحد عليه شرعا، فلا يدخل التعزير لأنه مقدر بنظر الحاكم، ويعتبر فيه حد العبيد لا الأحرار. وقيل: يعتبر حد الأحرار ولأصالة بقاء الملك سليما عن تعلق حق الملك على مالكه، وهذا إنما يتأتى على القول بالوجوب.
أما على القول بالاستحباب فلا، لأن المعلق على مفهوم كلي يتضمن في وجوده في أي فرض من أفراده، وحمله على حد لا يتعلق بالمحدود بعيد جدا، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى لتناول المملوك لهما.
ومن هذا القبيل ما تقدم في رواية الاقبال والمناقب فيما كان يصنعه علي بن الحسين عليه السلام بمماليكه في شهر رمضان، حيث إنه يعتقهم في مقابلة ما يذنبون في هذا الشهر من المعاصي بعد كتابته عليهم حتى إذا كان آخر الشهر أوقفهم بين يديه وعرفهم بذنوبهم ذنبا ذنبا ثم سألهم العفو عن تقصيراته فيهم ثم يعتقهم بعد عفوهم عن تقصيراته.
وقد جاء استحباب العتق عند التماس العبد العفو عن تقصير فعله كما