به بأن كان قريبا منها بحيث يمكنه إصابتها، وإذا توقف ذلك النفي على اللعان وجب عليه ذلك من باب مقدمة الواجب، وإن أمكن إقامة البينة على ما يوجب انتفاؤه عنه حكم بموجبها من غير لعان إذا شهدت بذلك على وجه منضبط بأن لازمته ليلا ونهارا بحيث علمت انتفاء مجامعته لها قطعا وإن عسر ذلك وشذ.
وأما الأمة فقد عرفت مما ذكر عدم كونها فراشا بمجرد الملك قطعا، ثم إذا وطأها وحكمنا بصيرورتها فراشا به فحكمه في لحوق ولدها في الحالتين كما سبق، لكنه يفارق ولد الزوجة في أمرين:
(أحدهما) عدم الحكم بلحوقه به إلا بثبوت وطئه لها إما بالاقرار منه أو بالبينة المطلقة على ذلك، بخلاف ولد الزوجة، فيكفي فيه كما عملت إمكان الوطء، والوجه ما سمعت من تعليل النصوص والفتوى أن المعتبر فيها ثبوت الفراش، ولما كان في الزوجة متحققا بمجرد العقد وإمكان وصوله إليها كان المرتب على ذلك ثبوت ذلك الانتساب، ولما كانت فراشية الأمة غير متحققة إلا بالوطء اعتبر ثبوته، فمرجع الأمر فيها إلى شئ واحد وهو ثبوت الفراش إلا أنه في الزوجة يظهر غالبا لغير الزوج بحضور العقد وعلمه بإمكان وصوله إليها، وفي الأمة لا يظهر في الغالب إلا منه لأن الوطء من الأمور المستورة فلا يكشف إلا عنه الاقرار به إن لم يتفق الاطلاع عليه بالبينة نادرا.
(والثاني) أن ولد الزوجة حيث كان محكوما به للزوج ظاهرا لم ينتف عنه بنفيه بل لا بد من اللعان وولد الأمة ينتف بغير لعان، والسر فيه أن الولد الذي يظهر للزوج كونه منفيا عنه يليق بالحكمة الإلهية أن يجعل له الشارع الحكيم منهجا واضحا إلى نفيه ليخرج عنه من ليس منه ولما جعل الولد الزوجة طريقا إلى النفي باللعان وخصه بالزوجين بقوله تعالى " والذين يرمون أزواجهم " فلا بد من طريق آخر يتوصل به لنفي ولد الأمة حيث يقتضي الحال نفيه، فإذا لم يمكن باللعان وبقي على الأصل الالحاق كما لو تعذر اللعان حيث أشرع لزم