ثم إن جاهل الحكم هنا هل يعذر كجاهل التدبير؟ فيه إشكال منشأه أن جاهل الحكم لو عذر لارتفعت الأحكام الشرعية، وعموم النص على أن جاهل الحكم لا يعذر ولأن قوله تعالى " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " (1) فيقتضي وجوب علم الأحكام بالأدلة على الكفاية، وقوله تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " (2) فأوجب التعليم بالتقليد فلا يعذر، ومن أنه حكم خفي لا يكلف المسلم به، قيل: والأقوى عدم المعذورية.
الرابع والعشرون: إذا دبر المريض عبدا تجتمع فيه قيود أربعة:
الأول: أن تكون قيمته قبل التدبير ثلاثين.
وثانيها: نقص قيمته إلى أن صارت إلى عشرة دراهم، فهذا النقص ليس للسوق بل بسبب نقص صفة هي استقرار الملك، فإن التدبير يزيل الاستقرار.
وثالثها: كل جزء يبطل التدبير فيه تعود قيمة ذلك الجزء إلى ما كان قيمته أولا وهي نسبته من الثلاثين، وكل جزء يصح تدبيره فقيمته نسبته من العشرة أي ينقص قيمته الأصلية إلى نسبته من العشرة.
ورابعها: أن التنقيص بالبيع لا ينقص القيمة.
فبيان هذه المسألة متوقف على مقدمات:
(أولاها) كلما يصح فيه البيع فقد وصل إليه العوض، عنه وببطلان التدبير فيه ترجع الرقبة إلى المشتري، فلا فائدة للبائع في إبطال تدبيره ما يصح فيه البيع ولأن التدبير بالنسبة إلى المشتري لازم كشرط العتق كما تقدم، فليس للمشتري إبطاله، وكلما يصح فيه التدبير فقد بيع بقيمته بلا محاباة وتزلزل البيع وهو بالمحاباة إن لم يخرج من الثلث، ومعنى التزلزل إن أجازها الوارث صح وإلا فلا.