الأولين، والرأس والوجه وإن أطلقا على الذات عرفا في بعض الأحيان إلا أنه خلاف المتبادر بخلاف البدن والجسد لأن أهل العرف لا يعرفون من معنى الذات سواهما، وأما مخالفتها النفس الناطقة فذلك موكول إلى دقائق الحكماء والمتكلمين والفلاسفة ومع ذلك فإطلاق هذين الشيئين على النفس إطلاق شايع ولو من المجازات المشهورة.
واعلم أنه قد تقدم في كتاب الكفالة وقوع الخلاف المشهور في تعلقها بالوجه والرأس، والمشهور جوازه، معللين ذلك بأنه قد يعبر بهما على الجملة عرفا، وقد عللوه هنا بالعكس، وكأن وجه الفرق في الاستعمالين أن المقصد الذاتي في الكفالة إحضار البدن والذات تابعة عرفا، وهنا بالعكس، فإن الحرية المقصودة من العتق متعلقها الذات والبدن تابع حيث تثبت المغايرة بينهما وتلاحظ. وأما الفرق بينهما بأن المعتبر في الكفالة العرف وفي العتق الشرع فهو تحكم محض وإن كان العرف متصرفا في الفرق الأول أيضا.
الرابع: هل يشترط تعيين المعتق بصيغة المفعول والقصد إليه معينا؟ قولان، للأصحاب والأكثر على العدم، والقول الآخر عدم الجواز للجهالة، وقد مضى مثل هذا الخلاف في الطلاق والظهار والايلاء، والوجه فيها واحد، غير أن اشتراط عدم التعيين هنا أشهر، وهناك بالعكس، ولا وجه له إلا مراعاة الاحتياط في الفروج وبناء العتق على التغليب.
ويمكن الاحتياج للمشهور بمثله من أعتق ثلث عبيده ولم يعين الثلث فإنه يصح ويستخرج بالقرعة كما سيجئ، وقد اتفق عليه الفتوى والدليل، وهو ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مروان (1) عن موسى بن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام " أن أبا جعفر عليه السلام مات وترك ستين مملوكا فأعتق ثلثهم فأقرعت بينهم فأعتق الثلث ".