ومثل هذا الأخبار في الدلالة على أن الأربعة من الايلاء خبر عثمان بن عيسى (1) عن أبي الحسن عليه السلام " أنه عن رجل آلى من امرأته متى يفرق بينهما؟
قال: إذا مضت أربعة أشهر وقف ".
وبالجملة: فالأخبار بهذا المذهب مستفيضة مع مساعدتها بظاهر القرآن ولمطابقتها للمدة المضروبة في إيجاب النكاح للمرأة وهو الأربعة أشهر في غير الايلاء ولهذا يلزم بالنكاح بعد الأربعة أشهر وإن لم يكن مؤليا، وأما الأخبار الأولة فيمكن رجوعها إلى هذا المعنى لأنها لم تكن نصا في الأول.
والذي يدل على إلزامه بذلك وإن لم يكن مؤليا صحيحة حفص بن البختري (2) عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: إذا غاضت المرأة الرجل فلم يقربها من غير يمين أربعة أشهر استعدت عليه، فإما أن يفئ وإما أن يطلق، فإن تركها من غير مغاضبة أو يمين فليس بمؤل ".
وأما ما احتجوا به من أن ضرب المدة حكم شرعي فهو باق على العدم الأصلي فيتوقف ثبوته على حكم الحاكم ولأصالة عدم التسلط على الزوج بحبس أو غيره لأجل الفئة أو الطلاق إلا مع تحقق سببه فمدفوع بمنع احتياج المدة إلى الضرب، بل مقتضى الحكم الشرعي الثابت بالآية والرواية ترتبه على مضي المدة المذكورة من حين الايلاء، وإثبات توقفها على المرافعة متوقف على الدليل وهو منفي لقبوله للتأويل، وهذا الدليل الصريح أخرجه عن حكم العدم الأصلي، وأصالة عدم التسليط قد انقطعت بالايلاء المقتضي له بالآية والرواية والاجماع، فتوقفه على أمر آخر خلاف الأصل.
الثامنة: لو اختلفنا في انقضاء المدة فالقول قول من يدعي بقاءها للأصل في عدم انقضائها، لأن مرجع دعوى انقضائها إلى تقدم زمان الايلاء إن جعلنا المدة من حينه أو زمان المرافعة إن جعلناها منها، والأصل عدم تقدم كل منهما.