الثلاثون: لا تصح الوصية برقبة المكاتب كما لا يصح بيعه لأن المكاتبة لازمة من جهة المولى فليس له التصرف في رقبته بنقض مكاتبته ولا بمنفعته، فلا تصح تلك الوصية لأنها تصرف في تمحض الرقبة كما لا يصح بيعه.
وكما لا تصح الوصية بعبد غيره فهو محجور عليه في هذا كله إلا أن يحصل ما يوجب فسخها كما لو قال: إن عجز مكاتبي هذا وعاد إلى الرق فقد أوصيت به لفلان مثل ما لو أوصى بثمرة نخله وحمل جاريته متجددين بعد الوصية. ثم إن عجز فأراد الوارث إنظاره فللموصى له تعجيزه ليأخذه، وإنما يعجزه بالرفع إلى الحاكم الشرعي كما في المجني عليه. ويمكن تقديم الوارث لأن الوصية له قد شرطت بفسخ كتابته ولم يحصل ذلك الشرط، وهذا كله إذا كانت الوصية معلقة على كتابته مطلقا.
أما لو كان قد قيدها بكونه هو الفاسخ اعتبر في صحتها عجزه في حياته. والعلامة في التحرير جعل الاطلاق محمولا على عجزه في حياته وإنما يكتفي بها بعد موته عند التصريح به وهو غير واضح.
وأما الوصية بالنجوم على المكاتب فهي صحيحة وإن لم تكن مستقرة.
كما تصح الوصية بالحمل المتجدد وإن لم يكن حينئذ مملوكا، فإن أداها فهي لمن أوصى بها إليه، وإن عجز فللوارث تعجيزه وفسخ الكتابة وإن أنظره الموصى له.
وهل يملك الموصى له إبراءه عن هذه النجوم الموصى بها أم لا؟ وجهان بل قولان، أجودهما ذلك لأنه حيث ملك الاستيفاء ملك الابراء. ووجه العدم أن ما ملكه استيفاء النجوم ولم يملكه تفويت الرقبة على الورثة بهذا الابراء.
ولو أوصى لواحد برقبته ولشخص آخر صحت الوصيتان، ثم إن أدى المال أو أبرئ منه بطلت الوصية الأولى، وإن رق بطلت الوصية الثانية، لكن استرقاقه مشروط بفسخ الوارث كتابته، فإن امتنع وأمهله فالقولان السابقان.