بينه أقيمها أو لاعن ثانيا لم يقبل منه، لأن البينة واللعان لتحقيق ما قاله وقد أقر بكذب نفسه، والعقلاء مأخوذون بإقرارهم على أنفسهم، والبينة إنما تسمع إذا لم يكذبها قوله أو فعله، ولو اعترف بالولد بعد موته لم يرث منه كما لو اعتر ف به في حياته ثم مات، ولا يفيد هذا الاعتراف في حق الولد شيئا، ولو لم يكذب نفسه ولا لاعن ثبت عليه الحد كما سمعت، فإن أقيم عليه بعضه فبذل اللعان أجيب إليه الخبر " ادرأوا الحد بالشبهات " وكما أن اللعان يدرأ تمام الحد فأولى أن يدرأ بعضه.
السادسة: لو قذفها فأقرت قبل اللعان سقط الحد عنه بالمرة ولا يجب عليها الحد إلا بأربع مرات ولو كان هنا نسب لم ينتف إلا باللعان، وللزوج أن يلاعن بنفيه على إشكال إن لم تدع الزوجة النسب فإنه لا ينافي الاقرار بالزنا، و إذا ادعته فلا إشكال في ثبوت اللعان وإنما يشكل الأمر إذا صادقته على الانتفاء أو سكتت أو اعترفت بالجهل واحتمال الأمرين.
فعلى هذا إذا تصادقا على الزنا وعلى كون الولد ليس منه لا يوجب نفي النسب لثبوته بالفراش، وتصادقهما إقرار في حق الغير، فلا يؤثر سقوط اللعان للقذف سقوطه للنسب. ومنشأ الاشكال كون اللعان على خلاف الأصل ولم يظهر لنا ثبوته إلا إذا تكاذبا، ولا تكاذب هنا، ومن أنه إذا علم انتفاء الولد منه وجب عليه نفيه، ولا طريق إلى انتفائه إلا اللعان والصبر إلى بلوغ الولد، واللعان معه لا يجوز إذ ربما مات أو مات الولد قبله أو قبل التمكن من اللعان، وحينئذ إنما يلتعن الزوج لأنها لا يمكنها الالتعان، ولو قذفها فاعترفت ثم أنكرت فأقام شاهدين على اعترافها ففي القبول بها أو بالأربعة إشكال من عموم قوله تعالى " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء " و (1) وأن الغرض إثبات الزنا لهتك العرض ودفع الحد واللعان عنه، وهو خيرة المختلف والمبسوط هنا،