الثامن عشر: إذا كان للمدبر مال غائب عن الورثة أو دين على معسر لم يمكن استيفاؤه لم يعتق جميع المدبر لأن عتقه موقوف على إيصال الورثة من التركة ضعفه.
وهل يعتق ثلثه معجلا؟ فيه وجهان، أصحهما وهو الذي قطع به الأكثر وقواه شيخ المبسوط وقطع به المحقق في الشرايع أنه يعتق لأن الغيبة لا تزيد على العدم، إذ لو لم يكن له إلا هذا المدبر انعتق ثلثه فكذلك عند الغيبة، وعلى هذا فثلث اكتسابه بعد موت السيد له ويوقف الباقي، فإن وصل المال إلى الوارث تبين عتقه أجمع وصار كسبه تابعا له.
والقول الثاني أنه لا يعتق حتى يصل المال إلى الورثة، لأن في تنجيز العتق تنفيذا لمتبرع به قبل تسلط الورثة عن الثلثين، إذ لا بد من التوقف في الثلثين حتى يتبين حال الغائب كما تقدم نظيره في الوصايا، فيما لو أوصى بعين تخرج من الثلث وكان باقي المال غائبا، فإن في تسلط الموصى له الوجهين وأصحهما كما هنا.
ويتفرع على الوجهين فروع منها ما إذا كان قيمة المدبر مائة والغائب مائتين فحصته مائة، فعلى المختار يعتق ثلثاه لأن ثلثه عتق في الحال، فإذا حضر مائة عتق بقدر ثلثها أيضا، وعلى الثاني يعتق نصفه لحصول مثليه للورثة، فإن حضرت مائة وتلفت مائة استقر العتق في ثلثيه وتسلط الورثة على ثلثه وعلى المائة وربما يخرج على الوجه الثاني أن للورثة التصرف في الثلثين كما يحكم بعتق الثلث مراعاة للحقين المتلازمين، فإن حضر الغائب نقص تصرفه. والأصح خلاف ذلك كله، وكما يوقف كسبه في الثلثين قبل وصول المال توقف نفقته بمعنى أنه ينفق عليه منه، فإن وفي وإلا أكمل الوارث، فإن حضر المال وعتق المال رجع الوارث بما غنم منها.
التاسع عشر: التدبير والمكاتبة حينئذ قد يجتمعان، ويتفرع على اجتماعهما مسائل: