الثانية: قد اتفق الأصحاب على أنها غير واجبة مطلقا للأصل، كما لا يجب التدبير وشراء القريب ليعتق، ولئلا يتسلط المملوك على سيده، ولكنها مستحبة مع علم الخير للمملوك بها ولقوله تعالى " فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا " والإمامية وأكثر العامة على أن الأمر هنا للاستحباب ولبعض العامة قول بالوجوب. وقد اختلف في الخير المعلق عليه رجحان الكتابة في الآية والأخبار.
وفي صحيحة الحلبي المتقدمة عن أبي عبد الله عليه السلام أن المراد به الدين والمال وهما المعبر عنهما في عبارات الأصحاب بالأمانة والاكتساب، ووجه اعتبار الأمانة لئلا يضيع ما يحصله فيصرفه إلى السيد فيعتق والقدرة على الاكتساب ليتمكن من تحصيل ما يؤديه.
وبعضهم فسره بالمال خاصة لصحيحة الحلبي الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام " في قول الله عز وجل " فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا " قال: كاتبوهم إن علمتم لهم مالا ". وقد رجح هذا لأن فيه استعمال المشترك في أحد معنييه وفي الأولى استعماله فيهما معا وهو مجاز عند مجاز عند مجوزية على أشهر القولين فلا يصار إليه بدون القرينة.
ويرده أن القرينة هنا موجودة وهي الرواية المتقدمة الصحيحة المؤيدة بصحيحة محمد بن مسلم أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قد تقدمت وفيها " قال: الخير أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ويكون بيده عمل يكتسب معه أو يكون له حرفة " وبما في المقنع مرسلا وقد مر أيضا حيث قال " وروي في تفسيرها " إذا رأيتموهم يحبون آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ".
بل جاء في موثقة سماعة (1) ما يدل على الاكتفاء بالدين وإن لم يكن لهم مال كما هو مختار المحقق في النافع " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العبد يكاتبه