السادس عشر: لما كان بطلان التدبير بالإباق على خلاف الأصل فيقتصر فيه على مورد النص فيه وهو إباقه من المولى المعلق تدبيره بوفاته.
أما لو جعل خدمته لغيره وعلق تدبيره على وفاة المخدوم لم يبطل بإباقه للأصل وصحيحة يعقوب بن شعيب (1) التي مر ذكرها مرارا حيث قال فيها " عن الرجل يكون له الخادم فيقول: هي لفلان تخدمه ما عاش فإذا مات فهي حرة فتأبق الأمة قبل أن يموت بخمس سنين أو ست سنين ثم يجدها ورثته، ألهم أن يستخدموها بعد ما أبقت؟ فقال: لا، إذا مات الرجل فقد عتقت ".
وباشتمالها على هذا الحكم ردها ابن إدريس ومن قال بمقالته لما ثبت من الإباق على كل تقدير يلزمه إبطال التدبير فلا يكون هذا تدبيرا، وقد مر الكلام في ذلك منقحا ومجابا عما أورده ابن إدريس.
وبقي ما لو علق تدبيره بوفاة الزوج أو غيره حيث يجوز ما بقي ومقتضى هاتين القاعدتين تابع لخدمته، فإذا لم تكن مجعولة لغير المولى بطل تدبيره بإباقه وإن لم يكن كذلك لم يبطل تدبيره بإباقه. وإن جعل خدمته لغيره وعلق تدبيره على وفاة غير المخدوم كالزوج فأبق ففي بطلان تدبيره بذلك نظر، إذ كل واحد من الروايات الواردة من الجانبين لا تتناول هذا الفرد، لأنه موردها في البطلان المعلق على وفاة المولى، وفي عدمه معلق على وفاة المخدوم والأصل يقتضي عدم البطلان.
ولو قيل بقصر عدم البطلان على إباق من جعلت خدمته لغيره وعلق تدبيره على وفاة المخدوم كان حسنا، لأن القاعدة والأصل بطلانه بالإباق وصار في تعليقه على وفاة المخدوم غير مبطل على خلاف ذلك الأصل بالنظر إلى ما ذكره الأصحاب فيقتصر على مورده لأن ظاهر هم الاتفاق على أن الإباق مبطل له إلا ما أخرجه الدليل، هذا عند من أثبته كما هو المختار.
أما عند من أسقط المعلق بوفاة غير المولى والمخدوم نظر إلى عدم النص