وربما استشكل ذلك من حيث إن انتقاله إلى المولى إن كان بحق الملك اقتضى ثبوته له في حال الحياة وليس كذلك. وإن كان بحق الإرث فالمملوك لا يورث اتفاقا.
ورد بأنه حق ثبت بالقذف فلا وجه لسقوطه، ويكون السيد أحق به لا على جهة الميراث بل لأنه أولى من غيره وبأنه إنما لا يورث عنه المال، وأما غيره من الحقوق المختصة به فإنه يورث عنه، وتنظر ثاني الشهيدين في هذا الجواب، وذلك ظاهر لا يخفى، ومن هنا ذهب الأكثر إلى عدم انتقال ذلك الحق إلى المولى.
الخامسة: لفظه الصريح نحويا زانية أو قد زنيت أو زنى فرجك أو قبلك أو دبرك أو بدنك دون عينيك ويدك ونحو هما، فإن المتبادر من زنائهم النظر واللمس ولا لعان عندنا بجنايات القذف، فلو قال: أنت أزنى الناس أو أزنى من فلان حتى يقول في الناس زناة وأنت أزنى منهن.
أما الأول فلأن ظاهره التفضيل على جميع الناس في الزنا، ومعلوم أن الناس كلهم ليسوا زناة، وكما يحتمل أن يريد أزنى زناة الناس يحتمل إرادة نفي الزنا عنها، بمعنى أنه لو كان الناس كلهم زناة فأنت أزنى منهم، وكلاهما خلاف الظاهر، إلا أنه أراد أن يصرح أنها أزنى من زناة الناس فيكون قاذفا كما في المبسوط.
وأما في الثاني فلأنه إنما يتيقن إرادة النسبة إلى الزنا إذا نسب فلانا إليها، ولما لم يصرح به احتمل إرادة النفي، أي لو كان فلانا زانيا فأنت أزنى منه إلا أن يفسره بإرادة القذف، وقوى الشيخ في الخلاف كونه قذفا لهما بظاهره، وقواه شارح القواعد في شرحه كشف اللثام لأن حقيقة لفظ التفضيل يقتضي التشريك في أصل الفعل مع زيادة في المفضل وإرادة النفي مجاز لا يصار إليه إلا مع القرينة الصارفة عن الحقيقة، وعلى المشهور لو ثبت زنا فلان بالبينة أو الاقرار والقاذف جاهل حين قال لها هذا القول - أعني أنت أزنى منهم - لم يكن قاذفا، وإن كان عالما بذلك فهو قاذف، ولو قال لها: يا زان بالتذكير فهو قاذف لصحة إطلاق الزاني عليها، بمعنى ذات الزنا، على أنه لو سلم كونه لحنا فلا يضر لتحقق القذف نسبتها