للأداء لم يصح، ووجه البطلان ما قلناه، لأن الأجل على هذا التقدير مجهول لأن " في " لا تقتضي إلا الظرفية ولم يتبين أنه يؤديها في دفعة واحدة أو دفعات ولا أنها يؤديه في أولها أو وسطها أو آخرها.
وقال ابن الجنيد بالجواز لعموم الأخبار ولصدق التأجيل بذلك، ويتخير في دفعه في مجموع ذلك الوقت.
(ومنها) أنه على تقدير اشتراط التأجيل هل يكفي الأجل الواحد؟ أم لا بد من التعدد؟ المشهور بين الأصحاب بل جميعهم الاكتفاء بأجل واحد، وهو مذهب أكثر العامة أيضا للأصل وعموم قوله تعالى " وكاتبوهم " وعموم الأخبار الواردة في تفسير الآية، وفي الكتابة بقول مطلق.
وخالف فيه بعض العامة واشترط كونه نجمين فصاعدا لأنه المأثور عن الصحابة قولا وفعلا، حتى نقل عن بعضهم أنه غضب على مملوك له فقال: لا عاقبك ولا كاتبك على نجمين، وهذا مشعر لأنه غاية التضييق، ولما تقدم من أن الكتابة مأخوذة من ضم النجوم بعضها إلى بعض، وأقل ما يحصل به الضم نجمان وأيضا أن الكتابة عقد إرفاق ومن تتمته تعدد النجم.
والجواب عن ذلك كله لا يفيد الحصر، ولا حجة في العمل بدون الاجماع والنصوص، وهو غير واقع، بل الواقع الخلاف في المسألة قديما وحديثا، واشتقاق الكتابة جائزا بناه على الغالب وهو الكتابة الراجحة كما تقدم في تعريفها وهي الخطبة، وللأصل وعموم النص يدفع ذلك كله، ودخل في تجويز الكثرة من غير وقوف بها على حد بعد ضبطها والعلم بها أنه لا فرق بين جعلها إلى مدة لا يعيشان إليها غالبا أو عدمه فيصح للأصل، وينتقل الحكم بعدهما إلى الوارث وسيما في جانب المولى لأنها لا تبطل بموته. أما جانب المكاتب فيشكل بطلانها بموته مطلقا إذا كان مشروطا، وفي الباقي بالنسبة إلى المطلق فيكون الاشتراط الزائد منافيا لمقتضى العقد.