الثالثة: أن الحاكم لا يأمر بحل القيد بمجرد الحكم بوجود العتق، بل أوقع صيغة العتق الشرعية إما هو أو وكيله أو الحاكم إن امتنع أو غاب أو مات من غير وارث بالغ. فقولهم في المسألة " حكم بعتقه " أي بعد أن ألزم بالعتق، فلما عتق بأحد المذكورين حكم الحاكم بعتقه ثم أمر بحل قيده.
ثم إنه على تقدير كذبهما وعتقه بحل القيد هل يضمنان بقيمة العبد أم لا؟ إشكال من أن الحكم - وهو العتق له - لم يحصل بشهادتهما بل بحل قيده ولم يشهدا به، ولأنه لو باشرا الحل لم يضمنا، فعدم الضمان بشهادتهما أولى، ومن أن شهادتهما الكاذبة سبب إتلافه، وكلما أتلفا شيئا بسبب الشهادة الكاذبة ضمنا، كما عليه النص والاجماع كما في غير هذه المسألة، ولأنه قد ثبت في أسباب الضمان للمتلف أن سبب السبب موجب للضمان، فإن واضع الحجر في الطريق - إذا عثر به غيره فوقع في بئر حفر ظلما - ضامن دون الحافر، وأيضا أنه السبب الأولى.
وأما قولهم في الوجه الأول " أنه لو باشرا حله لم يضمنا " فهنا أولى، إنما لم يضمنا قيمة العبد لأنهما سبب لوجوب العتق عليه يجعله سببا والأصل له حصول الثواب على الله تعالى لأنه فعل ما كلف به.
لا يقال: كيف يجامع عدم الضمان بالشهادة؟ لأنا نقول: إن شهادة الزور يعاقب عليها ولا يعاقب على الحل لتشديد الشارع فيها، لكن في عدم ضمانها بالحل منع سنصرح به، فالأصح أنه لا ضمان عليهما.
ولو حله أجنبي لم يضمن، عالما كان بالنذر أو جاهلا به، نهاه المالك أو لا، على إشكال. ووجه هذه الفروغ أنه إذا حله أجنبي وترتب عليه العتق المذكور فإما أن يكون عالما النذر أولا، وعلى كل تقدير فإما أن يكون حله بأمر المالك أو مع نهي المالك أو لا مع أمره ولا نهيه، فالأقسام ستة:
الأول: أن يكون عالما وأمره الملك.