الكتابة حتى حصة الثاني عتقا معا ورجع ورثة الميت على الحي بحصته وصار ذلك ميراثا بينهم. هذا حاصل كلامه، وهو يدل على توقف عتق كل منهما على أداء المال أجمع. وسيأتي إن شاء الله تعالى أن موت المكاتب يبطل الكتابة سواء كانت مشروطة أم مطلقة ولم يؤد شيئا من المال، وحينئذ فيسقط قدر نصيبه من مال الكتابة ولا ينحصر المال في أحدهما لأنه عوض بينهما معا فيقسط عليهما كالبيع، وإنما يؤدي الحي قدر نصيبه من مال الكتابة ويعتق.
وإذا تقرر ذلك فلو شرط عليهم في عقد الكتابة كفالة كل منهما لصاحبه صح على القول الأصح للأصل وعموم الأخبار " المؤمنون عند شروطهم " فيلزم كلا منهما حكم الكفالة وهو وجوب إحضار الغريم عند الحلول أو أداء ما عليه، إلى آخر ما فصل هناك في أحكام الكفالة.
وقيل: لا تصح الكفالة هنا بناء على عدم لزوم مال الكتابة من جهة المكاتب والشرط الكائن في العقد كجزء من العوض فيتبعه في الجواز، وكذا يجوز أن يضمن كل منهما ما في ذمة الآخر، وحينئذ فيعتقان جميعا لأن الضمان قد حول ما في ذمة كل منهما إلى الآخر كما هو مذهب الإمامية، فيترك منزلة الوفاء ويبقى المال دينا في ذمة كل منهما، لا على وجه المكاتبة لحصول الوفاء بالضمان. ولو ضمن أحدهما خاصة تعلق المال بذمته وعتق المضمون لفراغه من مال الكتابة.
وقال العلامة في المختلف فيه: إذا رضي المولى بضمانهما كليهما فهو كما لو لم يقع ضمان، وهو من غرائبه، لما عرفت من ظهور الفرق لتحول ما في ذمته إلى ذمة الآخر.
نعم لو جعلنا الضمان ضم ذمة إلى ذمة - كما عليه العامة - تخيرا بالرجوع في الجميع على من شاء، وفي كلام الشيخ في المبسوط إشعار به. فكأنه قد اقتفى أثر العامة فيه لعدم تدبره لمسائل الفروع عند بحثه مع العامة. وقد ذكر في المسائل الحائريات ما يقرب من ذلك، حيث جوز ضمان اثنين مالا واشترط رجوعه