في تقدير ثلاثة أشياء كما تقدم، فتجبر العشرة بشئ من الثلاثة أشياء فيصير معه عشرة وشيئان هي مثلا ما فات من التدبير، ولم يحصل في مقابله للورثة عوض وهو شيئان فيكون عشرة كاملة وشيئان تعدل أربعة أشياء يسقط شيئان بمثلهما فيبقى شيئان يساوي عشرة، فالشئ خمسة وهو المطلوب.
المقصد الثامن في عتق المكاتبة وهو مشتمل على مسائل:
الأولى: في معناها شرعا ولغة وهي الكتابة مصدران مزيدان مشتقان من المجرد وهو الكتب، وهو لغة الجمع والضم، يقال: كتبت القربة إذا كتبت رأسها ومنه الكتابة لما فيها من ضم الحروف بعضها إلى بعض. والكتيبة لانضمام بعضهم إلى بعض. فسمي هذا العقد كتابة لانضمام النجم فيه إلى النجم أو لأنها توثق بالكتابة من حيث إنها منجمة مؤجلة، وما يدخله الأجل يستوثق بالكتابة ولذلك قال الله تعالى " إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " (1).
وقد علم أن عقد الكتابة خارج عن حد المعاملات من جهة أنها معاملة بين السيد وعبده، وأن العوضين للسيد وأن المكاتب على رتبة متوسطة بين الرق والحرية، وليس له استقرار الأحرار ولا عجز المماليك، ولذلك تكون تصرفاته مترددة بين الاستقلال ونقيضه لأن الحاجة داعية إليها، فإن السيد قد لا تسمح نفسه بالعتق مجانا، والمملوك يتشمر بالكسب تشمره إذا علق عتقه بالتدبير والأداء، فاحتمل الشرع فيه ما لا يحتمل في غيره كما احتمل للجهالة في ربح القراض وعمل الجهالة للحاجة. وقد دل عليها الكتاب والسنة والاجماع، قال الله تعالى " والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا " (2).