وقد أطلق الشهيد - رحمه الله - في بعض تحقيقاته جواز التأجيل لذلك مطلقا وحكم بانتقال الحكم إلى الوارث بعد الموت، وهذا لا يخلوا في جانب المكاتب من إشكال. وقد اختلفوا أيضا في جواز مثل هذا التأجيل في البيوع المؤجلة نسية وسلما لهذه العلة، واختار في التذكرة جوازه، وهو متجه لأنه لا مانع من انتقال الحق فيه إلى الوارث كما في فرض موت المولى هنا، وعلى هذا فيجوز أن تتساوى النجوم وإن تختلف.
ولو قال: كاتبتك على خدمة شهر ودينار بعد الشهر صح إذا كان الدينار معلوم الجنس، ومرجع هذه المسألة إلى الجمع في العوض بين المال والخدمة، ثم إطلاق شهر الخدمة محمول على المتصل بالعقد كنظائره، وشرط كون الدينار بعده يقتضي تأجيل إلى نجم واحد وهو صحيح. وإنما يتوجه عليه المنع عند من شرط تعدد النجوم.
ولو مرض العبد شهر الخدمة وكانت مشروطة أو جعل خدمة الشهر مجموع العوض بطلت الكتابة لتعذر العوض.
أما لو جمع بينه وبين المال كالصورة السابقة وكانت المكاتبة مطلقة لم تبطل وروعي أداء المال وعتق بنسبته وإطلاق المحقق في الشرايع البطلان يقتضي أن تكون هذه الصورة مقطوعة عن المسألة السابقة، وإلا لم يتم الاطلاق.
أما لو قال: على خدمة شهر بعد هذا الشهر، قيل: يبطل على القول باشتراط اتصال المدة بالعقد. وتردد في ذلك المحقق لكنها من فروع اشتراط اتصال الأجل بالعقد وعدمه، وإنما أفردوها بالذكر حملا للفرع السابق على المال كأن يشترط عليه مائة دينار مثلا يؤديها بعد شهر أوله بعد هذا الشهر فذكر اشتراط الخدمة، وقد منع من ذلك الشيخ في المبسوط وجماعة.
(ومنها) أنه لا يشترط في العوض العين فتجوز المكاتبة على منفعة معينة من خدمة أو خياطة أو بناء وتكون في الذمة كالعين.