واستوجه العلامة في التحرير عدم جواز استرقاقه للموصى له بدون فسخ الوارث، ولو كان الموصى له بالمال قد قبض منه شيئا فهو له، ولو اختلف الموصى له بالرقبة والموصى له بالمال في الفسخ عند حصول ذلك العجز وتحققه قدم صاحب الرقبة كما يقدم صاحب الرقبة على الوارث، هذا إن كان كاتبه مكاتبة صحيحة.
أما لو كاتبه مكاتبة فاسدة كانت لا أثر لها عندنا كما تقدم الكلام عليه، فإذا أوصى بما في ذمته لم يصح، لأنه لم يثبت له بها شيئا في ذمته، وإن أوصى برقبته صح كما لو أوصى برقبة عبده القن. نعم لو أوصى بما يقبضه منه صح لأن الذي بقبضه منه ملكه بواسطة أنه كسب مملوكه لا من حيث إنه مال الكتابة، حتى لو صرح بالوصية بما يقبضه من مال الكتابة لم يصح كما لو أوصى بمال كتابته من دون القبض.
وظاهر إطلاق الأصحاب بل صريح بعضهم كالشيخ في المبسوط عدم الفرق في ذلك بين العالم بفساد تلك الكتابة والجاهل به نظرا إلى حقيقة المال وموافقة الوصية ملك الموصي. ويحتمل الصحة في الجاهل لأن الجاهل بالفساد إذا أوصى بالرقبة فعنده أن ما يأتي به لغو، وقد تقدم في مواضع عديدة من كتاب الهبات أن من باع ما وهبه مع فساد الهبة أو باع مال مورثة معتقدا بقاءه فظهر موته أو أوصى برقبة معتقه فظهر فساد عتقه الخلاف هناك فليراجع، وإن كان الأقوى الفساد.
الحادية والثلاثون: أنه إذا قتل المكاتب فهو كما لو مات، وإن جنى على طرفه عمدا وكان الجاني هو المولى فلا قصاص وعليه الأرش، وكذا إن كان أجنبيا حرا كان أو مملوكا ثبت فيه القصاص، وكل موضع يثبت الأرش فهو للمكاتب لأنه من كسبه.
وتفصيل هذه المسائل وتنقيحها بحسب الدليل هو أن المكاتب في الجناية عليه ذو حالات وصور لأنه إما أن يكون على نفسه أو على ما دونها، ففي الثاني له القصاص إن كانت توجبه، وليس للسيد منعه كالمريض يقتص ولا تعترض عليه الورثة، والمفلس يقتص ولا تعترض عليه الغرماء.