فأجيب عن هذين الحديثين: (أما) عن الأول فجعله من باب النذر كما هو الظاهر من سياقه، ولا إشكال في جواز التعليق فيه كما هو متفق عليه، حيث وقع شكرا في مقابلة نعمة الله التي هي الشفاء، وهو وإن لم يصرح بكونه لله لكونه ليس في مقام الحكاية لصورة عبارة النذر وإنما أتى بما يدل على كونه نذرا، ومن هنا حمله شيخ التهذيبين ومحدثا الوافي والوسائل على ذلك.
(وأما) الخبر الثاني فليس فيه تعليق العتق على شرط كما هو الظاهر ولا غيره، نعم فيه الحلف بالعتاق والتزامه له عليه السلام فسبيله التقية لاجماع العامة على ذلك ولتصريح تلك الأخبار بأنه من خطوات الشيطان، فيكون داخلا في آية " ولا تتبعوا خطوات الشيطان " (1).
ويحتمل هذا الحمل الأول أيضا إن أخرجناه من باب النذر. والعجب من المحدثين والمجتهدين حيث أعرضوا عن هذه الأدلة في البين وكأنهم جعلوا وجه الفساد فيها هو جعلها يمينا لا من جهة التعليق، وهذا في الحقيقة وإن أمكن لكن المانعين من التعليق لا يفرقون بين ما ليس يمينا أو كان من اليمين، وكذلك المجوزون فيكون الاستدلال بهذه الأخبار في محله خصوصا فيما لم يشتمل على بيان منها، فلا يستثنى من هذه القاعدة سوى التدبير والنذر والوصايا، وكل خبر اشعر بجواز ذلك والتزامه فسبيله التقية.
الثالث: لو أسند الحرية في هذه الايقاعات لأحد الجوارح مما لا تقال على النفس إلا بتجوز بعيد كيدك أو رجلك أو وجهك أو رأسك حر أو حرة وقصد العتق لم ينعقد.
أما لو قال بدنك أو جسدك فذلك موضع خلاف وإشكال، ولهذا صار في وقوعه قولان: من جهة أن معناه اللغوي غير الذات، ومن دلالته عليه عرفا عاما وهو مقدم على العرف الخاص الذي لا يعرفه إلا الآحاد، والأقوى وقوعه في الثاني دون