وكذا كل من أقر على نفسه بالرق مع جهالة حريته حكم برقة، ويعتبر في نفوذ إقراره كونه بالغا عاقلا كما هو المعتبر في قبول الاقرار مطلقا، وهل يعتبر مع ذلك رشده؟ الأكثر ومنهم المحقق على عدم اعتباره لأن السفه إنما يمنع مع التصرف المالي، والاقرار بالرقية ليس إقرارا بمال لأنه قبل الاقرار محكوم بحريته ظاهرا، فيكون إقراره مسموعا.
ولصحيحة عبد الله بن سنان (1) " قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الناس كلهم أحرار إلا من أقر على نفسه بالعبودية " وهو مدرك من عبد أو أمة، فاعتبر البلوغ ولم يعتبر الرشد.
وربما قيل باعتبار الرشد، لأن إقراره وإن لم يتعلق بالمال ابتداء لكنه قد كشف عن كونه مالا قبل الاقرار فإنه إخبار عن حق سابق عليه لا إنشاء من حينه، ولامكان أن يكون بيده مال، فإن إقراره على نفسه يستتبع ماله فيكون إقرارا بمال محض ولو بالتبعية.
ورد الأول بأن ذلك لو منع قبول الاقرار لأدى إلى قبوله لأنه إذا لم يقبل بقي على أصل الحرية فينفذ إقراره فيصير مالا فيرد حرا وذلك دور، والمال جاز دخوله تبعا وإن لم يقبل الاقرار به مستقلا، كما لو استلحق واجب النفقة، فقد قيل إنه ينفق عليه من ماله نظرا إلى كونه تابعا لا بالأصالة أو يقال يصح في الرقية دون المال لوجود المانع فيه دونها كما سمع في الاقرار بالزوجة دون المهر، وحيث يقبل إقراره لا يقبل رجوعه عن إقراره بعد ذلك لأنه يفضي إلى تكذيب كلامه السابق ودفع ما ثبت عليه بغير موجب. وكذا لو أقام بينة لم تسمع لتكذيبه لها بإقراره السابق إلا أن يذكر لاقراره تأويلا يندفع به التناقض فيقول القبول، كما لو قال: لا أعلم بكوني قد تولدت بعد حرية أحد الأبوين فجرى إقراري على الظاهر حينئذ ثم انكشف لي سبق العتق على الاقرار ببينة