والنصارى والمجوس من فرق الكفار أم كان الاسلام أحد الغايتين كالفرق الثلاث فإنهم يقاتلون إلى أن يسلموا أو يلتزموا بشرائط الذمة من الجزية وغيرها.
وقد أفصحت عبارة المحقق في شرايعه وكذلك العلامة في قواعده بأن هذه الفرق الثلاث إذا أخلوا بشرائط الذمة دخلوا في قسم أهل الحرب، وتدل عليه صحيحة زرارة الآتي ذكرها، وربما أطلق كثير من الفقهاء أهل الحرب على القسم الأول خاصة وإن جاز قتال الثاني في الجملة.
والوجه في هذا أن التسمية منتفية عنهم ما داموا قائمين على شرائط الذمة وإن كان في الأصل مشاركين للحربيين في الكفر وجواز القتال، إلا أن لهم عن الاسلام بدلا وهو القيام بشرائط الذمة بخلاف الحربي المحض، فمن هنا أخرجوا عن إطلاق الحربي عليهم. وعلى الاعتبارين فالمراد بأهل الحرب بالنسبة إلى هذا الحكم وهو جواز استرقاقهم معناه الأعم للاتفاق على جواز استرقاق من عدا الفرق الثلاث الملتزمين بشرائط الذمة، ولا فرق في جواز استرقاقهم بين أن ينصب الحرب للمسلمين ويستقل بأمرهم أو يكونون تحت حكم الاسلام وقهره كمن بين المسلمين من عبدة الأوثان والنيران والغلاة وغيرهم، إلا أن يكونوا مهادنين للمسلمين بشرائطها المقررة في كتاب الجهاد، فيجب حينئذ الكف عنهم.
وتدل على هذا الحكم صحيحة رفاعة (1) " قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام:
إن الروم يغيرون على الصقالبة فيسرقون أولادهم من الجواري والغلمان فيعمدون إلى الغلمان فيخصونهم ثم يبعثون بهم إلى بغداد إلى التجار، فما ترى في شرائهم ونحن نعلم أنهم قد سرقوا وإنما أغاروا عليهم من غير حرب كانت بينهم؟ فقال:
لا بأس بشرائهم، إنما أخرجوهم من الكفر إلى دار الاسلام ".